الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } * { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } نزلت في شدائد أصابت المسلمين كحالهم في الخندق وفي غزوة أحد. وأم منقطعة التقدير بل أحسبتم وحسب كظن تستعمل في المترجع وسدت انْ مسد مفعولْ حسب.

{ وَلَمَّا يَأْتِكُم } جملة حالية ولما بلغ في النفي من لم والمثل الشبه إلا أنه مستعار لحال غريبة أو قضية عجيبة. وثم: محذوف أي مثل مجيئه المؤمنين.

{ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } ثم فسر ذلك المثل فقال:

{ مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ } فليس لهذه الجملة موضع من الإِعراب على المشهور ومستهم: أصابتهم.

{ وَزُلْزِلُواْ } أي أزعجوا إزعاجاً شديداً.

{ حَتَّىٰ يَقُولَ } قرىء بالنصب حتى غاية إلى أن يقول. وقرىء برفع يقول وهي حال محكية والمعنى وزلزلوا حتى قال:

{ ٱلرَّسُولُ } وقع الزلزال والقول.

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } معه معمول لآمنوا.

{ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } سؤال عن الوقت. والجملتان داخلتان تحت القول جمع الرسول والموفون في القول. قال المؤمنون: متى نصر الله؟ وقال الرسول:

{ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } لما استبطأ المؤمنون النصر أجابهم الرسول بأنه قريب عادت بكل جملة لمن يناسبها. وقدم الرسول في إسناد القول لمكانته وقول المؤمنين لتقدمه في الزمان. والرسول هنا: اسم جنس.

{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ } عن ابن عباس نزلت في عمرو بن الجموح وكان ذا مال سأل بماذا أتصدق وعلى من أنفق؟ والضمير للمؤمنين، والخطاب للرسول عليه السلام. وماذا: مفعول ينفقون. أو ما مبتدأ خبره ذا، وهو موصول والعائد عليه محذوف والتقدير أي شيء الذي ينفقونه والظاهر السؤال عن ما ينفق لكن تضمّن الجواب ما ينفق ومصرفه بقوله:

{ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } ومن خير تبيين للمنفق ويتناول القليل والكثير وما موصولة أو شرطية وبدأ في المصرف بالأقرب فالأقرب ثم بالأحوج فالأحوج، وخبر ما للوالدين أن قلنا بوصلها على إضمار أي فهو أو مصرفة للوالدين.

{ وَمَا تَفْعَلُواْ } ما: شرطية مفعول بها أي أي شيء تفعلوا. والفعل أعم من الانفاق وغيره سألوا عن خاص فأجيب بخاص ثم أتى بالعموم في أفعال الخير.

{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ } أي فرض وظاهر كتب الفرضية أما على الأعيان وإما على الكفاية.

{ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } أي مكروه لكم كالنقض بمعنى المنقوض وقرىء كتب مبنياً للمفعول ومبنياً للفاعل ونصب القتال، والقتال يعني الجهاد. والجملة: حال، والضمير عائد على القتال.

{ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً } عسى للاشفاق ومجيئها له قليل وأكثر مجيئها للترجي وكراهتهم للقتال لما فيه من التعرض للقتل والأسر وانضاء الأبدان وإتلاف الأموال، والخير الذي فيه الظفر والغنيمة والاستيلاء على النفوس والأموال، وأعظم الخير الشهادة وهي الحالة التي تمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم والجملة حال من النكرة وهو قليل ومع ذلك نص على جوازه سيبويه.

{ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً } عسى هنا للترجي واندرج في قوله شيئاً الخلود إلى الراحة وترك القتال لأنه محبوب بالطبع، والشر الذي فيه هو ذلتهم وضعف أمرهم واستيصالهم وسبي ذراريهم ونهب أموالهم.

{ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } أي ما فيه المصلحة حيث كلفهم القتال.

{ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ما علمه الله لغيبة عواقب الأمور.