الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ } * { يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَٰـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

{ أَوْ كَصَيِّبٍ } معطوف على كمثل وأوهنا للتفصيل وكان من نظر في حالهم منهم من شبهه بحال المستوقد ومنهم من شبهه بحال ذي صيب فهو على حذف مضاف يدل عليه الضمير في يجعلون. والصيّب: المطر النازل والسحاب أيضاً، ووزنه عند البصريين فيعل بكسر العين، وعند البغداديين بفتحها، وعند القراء فعيل فقلب.

" والسماء " المظلة والسماء ما علاك من سقف ونحوه، وجمعت على سماوات واسمية وسماء وهي جموع لا تنقاس وقرىء أو كصايب اسم فاعل من صاب يصوب وصيب أبلغ.

" والرعد " الصوت المزعج المسموع من جهة السماء.

" والبرق " الجرم النوراني الذي يشاهد ولا يثبت وجعل الصيب مقراً لهذه الأشياء على سبيل المجاز مجاز المصاحبة.

{ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم } إن كان بمعنى يلقون تعدى إلى واحد وفي آذانهم متعلق يجعلون وإن كان بمعنى يصيرون كان في آذانهم في موضع المفعول الثاني.

" والصاعقة " الوقعة الشديدة من صوت الرعد معها قطعة من نار تسقط مع صوت الرعد لا تمر بشيء إلا أتت عليه وهي سريعة الخمود والصاعقة لغة تميم والتصريف جاء على التركيبين فلا تكون صاقعة مقلوباً من صاعقة خلافاً لمن ذهب إلى ذلك.

وقال ابن عرفة: والصاعقة أيضاً العذاب ومن في من السماء متعلق بصيب أو في موضع الصفة أي كائن من أمطار السماء وظلمات الصيب بتكاثفه وانتساجه وتتابع قطره وظلمة ظلال غمامه وظلمة الليل وأفرد ورعد وبرق وإن كانوا قد قالوا رعود وبروق أما لأنهم أرادوا المصدر فكأنه إرعاد وإبراق وإما أن أريد بهما المعنيان فلان كلا منهما يسمى بالمصدر فروعي حكم أصلهما وإن كان المعنى على الجمع ونكرت الثلاثة لأنه ليس المقصود العموم، والظاهر أن يجعلون جواب سؤال مقدر، أي فكيف حالهم لا في موضع جر صفة لذوي المحذوفة، ولا في موضع حال من الضمير في فيه والعائد محذوف ثابت عنه أل في الصواعق أي من صواعقة ومن سببية متعلقة بيجعلون.

وقرىء { من الصواقع وحذر الموت } أعربوه مفعولاً من أجله ولا يكون للفعل إلا مفعول له واحد إلا بالعطف فقد يتعدد أو بالبدل وقيل: حذر مصدر، أي يحذرون حذر الموت. وقرىء: حذار مصدر حاذر، وإحاطته تعالى بهم كناية عن كونه لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط به وإحاطته بالعلم والقدرة على إهلاكهم.

{ يَكَادُ } مضارع كاد وفيها لغتان فعل وفعل ولذلك تقول كدت وكدت وهي من أفعال المقاربة.

{ يَخْطَفُ } و " الخطف " أخذ الشيء بسرعة وجوزوا في يكاد أن يكون جواباً لسؤال مقدر كأنه قيل: كيف حالهم في ذلك البرق. وأن يكون في موضع جر صفة لذوي المقدر حذفه في صيب وأل في البرق نائب مناب الضمير وهي للعهد إذ قد تقدم ذكره.

السابقالتالي
2 3