الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَٰكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ } * { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } * { وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } * { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ }

{ ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ } على المخالفة.

{ ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ } لما أمر بإِتمام الحج والعمرة وكانت العمر لا وقت لها معلوم بين أن الحج له وقت معلوم فظهر بها مناسبة ما قبل الآية والحج مبتدأ وأشهر خبره وليس أشهر وهو الزمان الحج وهو المصدر فالتقدير أشهر الحج أو وقت الحج أو التقدير حج أشهر أو لما كان يقع فيها اتسع فجعل إياها على سبيل المجاز قال ابن عطية: ومن قدر الكلام في أشهر فيلزمه مع سقوط حرف الجر بنصبها أصل " انتهى ".

ولا يلزم نصب الأشهر مع سقوط حرف الجر كما ذكر ابن عطية لا ناقد ذكرنا أنه يرفع على الاتساع وهذا لا خلاف فيه عند البصريين أعني أنه إذا كان ظرف الزمان نكرة خبراً عن المصادر أن يجوز فيه عندهم الرفع والنصب وسواء كان الحدث مستغرقاً للزمان أو غير مستغرق واما الكوفيون فعندهم في ذلك تفصيل وهو أن الحدث إما أن يكون مستغرقاً للزمان فيرفع ولا يجوز فيه النصب أو غير مستغرق فمذهب هشام أنه يجب فيه الرفع تقول ميعادك يوم وثلاثة أيام وذهب الفراء في هذا الموضع أنه لا يجوز نصب الأشهر لأن شهراً نكرة غير محصورة وهذا النقل مخالف لما نقلنا نحن عنه فيمكن أن يكون له القولان قول البصريين وقول هشام وأشهر جمع قلة وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة كله على ظاهر الجمع وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين وتابعيهم كابن مسعود وعطاء ومالك.

قال الزمخشري: فإِن قلت كيف كان الشهران وبعض الشهر أشهراً قلت اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد بدليل قوله تعالى:فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [التحريم: 4] فلا سؤال فيه إذن داعا كان يكون موضعاً للسؤال لو قيل ثلاثة أشهر معلومات " انتهى كلامه ". وما ذكره الدعوى فيه عامة وهو أن اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد وهذا فيه النزاع والدليل الذي ذكره خاص وهو فقد صغت قلوبكما وهذا لا خلاف فيه ولا طلاق الجمع في مثل هذا على التثنية شروط ذكرت في النحو وأشهر ليس من باب فقد صغت قلوبكما فلا يمكن أن يستدل به عليه وقوله: فلا سؤال، فيه إذن ليس بجيد لأنه قد فرض السؤال بقوله: فإِن قلت وقوله: وإنما، كان يكون موضعاً للسؤال لو قيل ثلاثة أشهر معلومات ولا فرق عندنا بين أشهر وبين قوله ثلاثة أشهر لأنه كما يدخل المجاز في لفظ أشهر كذلك يدخل المجاز في العدد ألا ترى إلى ما حكاه الفراء له اليوم يومان لم أره، قال: وإنما هو يوم وبعض يوم آخر، وإلى قول امرىء القيس: ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال على ما قدمناه ذكره وإلى ما حكي عن العرب ما رأيته منذ خمسة أيام وان كنت قد رأيته في اليوم الأول واليوم الخامس فلم يشمل الانتفاء خمسة الأيام جميعاً بل يجعل ما رأيته في بعضه وانتفت الرؤية في بعضه كأنه يوم كامل لم تره فيه فإِذا كان هذا موجوداً في كلامهم فلا فرق بين أشهر وبين ثلاثة أشهر لكن مجاز العدد ومعنى معلومات معروفات عند الناس وأن مشروعية الحج فيها إنما جاءت على ما عرفوه وكان مقرراً عندهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7