الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ }

{ ٱلأَهِلَّةِ } جمع هلال وأفعلة مقيس في أفعال المضعف نحو عنان وأعنة وشذ فيه فعل قالوا: عنان وعنن. وذكر صاحب شجر الدران الهلال مشترك بين معان كثيرة ويسمى الذي في السماء هلال لليلتين وقيل: لثلاث.

" والمواقيت " جمع ميقات، وهو منتهى الوقت.

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ } نزلت على سؤال قوم من المسلمين النبي صلى الله عليه وسلم عن الهلال. وما: فائدة محاقة وكماله ومخالفته لمحالّ الشمس. وسأل: يتعدى بعن وبالباء بمعنى واحد، وهو على حذف أي عن حكمة اختلاف الأهلة والهلال واحد وجمع لاختلاف أزمانه.

و { مَوَٰقِيتُ } أي في الآجال والمعاملات والايمان والعدد والصوم والفطر ومدة الحمل والرضاع وغير ذلك من المعلق بالأوقات.

{ وَٱلْحَجِّ } هو معطوف على الناس أي ومواقيت للحج ليعرفوا بها أشهره ومواقيته، ولما كان الحج من أعظم ما يطلب ميقاته وأشهره بالأهلة أفرد بالذكر وكأنه تخصيص بعد تعميم إذ المعنى مواقيت لمقاصد الناس المحتاج فيها للتأقيت ديناً ودنيا. وقرىء والحج بفتح الحاء وكسرها وكان الأنصار إذا حجوا واعتمروا يلتزمون تشرعاً أن لا يحول بينهم وبين السماء حائل فكانوا يتسنمون ظهور بيوتهم على الجدران فنزل:

{ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ } رداً على من جعل إتيان البيوت براً وأمر بإِتيان البيوت من أبوابها وأسباب النزول تدل على أن المراد بالبيوت وظهورها وأبوابها الحقيقة وحملها على المجاز مع إمكان الحقيقة وترجيحها باطنية نعوذ بالله منها.

{ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ } فيه الاحتمالات التي في:وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ } [البقرة: 177] وقرىء بكسر الباء من البيوت كيف ما وقع وضمها وتقدمت جملتان خبريتان فعطف عليهما جملتان أمريتان الأولى راجعة للأولى والثانية للثانية، ولما صدر المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية وصالحوه على أن يرجع من قابل فيخلوا له مكة ثلاثة أيام فرجع بعمرة القضاء وخاف المسلمون أن لا تفي لهم قريش ويصدوهم ويقاتلوهم في الحرم وفي الشهر الحرام وكرهوا ذلك. نزلت:

{ وَقَاتِلُواْ } فأطلق لهم فقال الذين يقاتلونهم وبذكر هذا السبب ظهرت مناسبة هذه الآية لما قبلها والمقاتلة هي جهاد الكفار لإِظهار دين الله وأكثر علماء التفسير على أنها أول آية نزلت في الأمر بالقتال.

{ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } استعير السبيل وهو الطريق لدين الله. لأن به يتوصل المؤمن إلى مرضاة ربه، وهو على حذف أي في نصرة دين الله وفي سبيل ظرف مجازي.

{ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ } أي لا تتجاوزوا ما حد الله في القتال وغيره.

{ وَٱقْتُلُوهُمْ } أي واقتلوا الذين يقاتلونكم.

{ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم } أي حيث ظفرتم بهم وهو عام في كل مكان حل أو حرم.

{ وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } أي من المكان الذي أخرجوكم وهي مكة وهو أمر تمكين فكأنه وعد من الله بفتح مكة وقد أنجز سبحانه وتعالى ما وعد وفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن لم يسلم منهم.

السابقالتالي
2