الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } * { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ ٱلشَّهْرَ } مصدر شهر الشيء أظهره. وبه سمي الشهر وهو المدة الزمانية التي يكون مبدأ الهلال فيها إلى أن يستنير ثم يطلع خافياً.

و { رَمَضَانَ } علم ممنوع الصرف ويجمع بالألف والتاء وعلى أرمضة وعلقة هذا الاسم من مدة كان فيها في الرمض وهو شدة الحر. وقرىء شهر بالرفع مبتدأ خبره الموصول ويكون ذكر هذه الجملة تقدمت لفرضية صومه بذكر فضيلته والبينة على أن هذا الشهر هو:

{ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ } هو الذي يفرض عليكم صومه هذا إن كان قوله: أياماً معدودات، لا يراد بها أيام رمضان، وإن أريدت بها فكان رفعه على تقدير مبتدأ أي تلك الأيام شهر رمضان. وقرىء شهر بالنصب أي صوموا.

وجوّز الزمخشري أن يكون مفعولاً لقوله: " وإن تصوموا " وهذا لا يجوز لأن تصوموا صلة لأنْ وقد فصلت بين معمول الصلة وبينها بالخبر الذي هو خبر لأن تصوموا. لو قلت: ان تضرب زيداً شديد، أي ضرب زيد شديد جاز. ولو قلت: إن تضرب شديد زيداً لم يجز. وأدغمت فرقة شهر رمضان. وقال ابن عطية: لا تقتضيه الأصول وعلل ذلك ويعني أصول البصريين ولم تقصر لغة العرب على ما نقله أكثر البصريين ولا على ما اختاره بل إذا صح النقل وجب المصير إليه، والضمير في فيه عائد للقرآن أي بُدىء بإِنزاله فيه وذلك في الرابع والعشرين منه. وقرىء القرآن بنقل حركة الهمزة إلى الواو وحذفها معرفاً ومنكراً.

و { هُدًى } حال لازمة وألْ في الهدى والفرقان للعموم فيكون هدى وبينات بعضها مبهماً. وقال ابن عطية: اللام في الهدى للعهد. والمراد الاول. " انتهى " كلامه يعني أنه أتى به منكراً أولاً ثم أنزله معرفاً ثانياً يدل على أنه الأول، كقوله تعالى:كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ } [المزمل: 15-16] فمعلوم أن الرسول الذي عصاه فرعون هو الرسول الذي أرسل إليه. ومن ذلك قولهم: لقيت رجلاً فضربت الرجل، فالمضروب هو الملقى ويعتبر ذلك بجعل ضمير النكرة مكان هذا الثاني فيصح المعنى، لأنه لو أتى بعصاة فرعون أو لقيت رجلاً فضربته لكان كلاماً صحيحاً، ولا يتأتى هذا الذي قاله ابن عطية هنا لأنه ذكر هو والمعربون إن هدى منصوب على الحال والحال وصف في ذي الحال وعطف عليه.

{ وَبَيِّنَاتٍ } فلا يخلو قوله.

{ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ } المراد به الأول من أن يكون صفة لقوله هدى أو لقوله وبينات أولهما أو متعلقاً بلفظه بينات لا جائز أن يكون صفة لهدى لأنه من حيث هو وصفه لزم أن يكون بعضاً، ومن حيث هو الأول لزوم أن يكون هو إياه، والشيء الواحد لا يكون بعضاً كلاً لماهية ولا جائز.

السابقالتالي
2 3 4