الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } هم علماء اليهود.

{ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ } أي التوراة. وهو ما تضمنته من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعته وكانوا يرجون أن يكون منهم فلما بعث من غيرهم غيروا صفته.

{ وَيَشْتَرُونَ بِهِ } أي بالكتم من سفلتهم.

{ ثَمَناً قَلِيلاً } وهي الهدايا التي كانوا يأخذونها على الكتم إذ كان ملوكهم لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوهم: أهذا الذي بشرت به التوراة؟ فقالوا: ليس هذا هو النبي المنتظر.

{ أُولَـٰئِكَ } أي المتصفون بالكتم والاشتراء.

{ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ } كناية عن تحمل آثامهم المؤدية إلى النار في الآخرة وكأنهم أكلوا النار أو يأكلون النار في الآخرة. وهي كقوله في أكل مال اليتيم: إنما يأكلون في بطونهم نارا. وفي بطونهم لرفع المجاز في يأكلون.

{ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ } ظاهر في نفي تكليمه تعالى إياهم. وفيه دلالة على غضبه عليهم لأن في التكليم تأنيساً للمتكلم أو لا يكلمهم كلاماً فيه خير لهم بل ما يشق عليهم.

{ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } أي لا يقبل أعمالهم فيثني عليهم.

{ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } تعجب من كثرة صبرهم. كقوله تعالى:قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } [عبس: 17] وأَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ } [مريم: 38]، أي هم في حال عذاب يقول من يراهم: ما أصبرهم. وفي ما التعجيبية وأفعل خلاف مذكور في النحو.

{ ذَلِكَ } إشارة إلى الوعيد السابق من أكل النار وانتفاء التكليم والتزكية وهو مبتدأ خبره.

{ بِأَنَّ ٱللَّهَ } أي حاصل بأن الله.

{ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } فلم يتبعوه وكتموه واشتروا به ثمناً قليلاً أقام السبب وهو تنزيل الكتاب بالحق مقام المسّبِب عنه وهو الكتمان والاشتراء كأنه قيل ذلك مستقر وثابت بالكتمان والاشتراء.

{ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ } وهم اليهود آمنوا ببعض التوراة وكفروا ببعضها. أو الكتاب القرآن والذين اختلفوا مشركوا العرب من قولهم سحر أساطير الأولين وغير ذلك.

{ لَفِي شِقَاقٍ } أي تباين وتباغض.

{ بَعِيدٍ } أي عن الحق والصواب.