{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } هم علماء اليهود. { مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ } أي التوراة. وهو ما تضمنته من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعته وكانوا يرجون أن يكون منهم فلما بعث من غيرهم غيروا صفته. { وَيَشْتَرُونَ بِهِ } أي بالكتم من سفلتهم. { ثَمَناً قَلِيلاً } وهي الهدايا التي كانوا يأخذونها على الكتم إذ كان ملوكهم لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوهم: أهذا الذي بشرت به التوراة؟ فقالوا: ليس هذا هو النبي المنتظر. { أُولَـٰئِكَ } أي المتصفون بالكتم والاشتراء. { مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ } كناية عن تحمل آثامهم المؤدية إلى النار في الآخرة وكأنهم أكلوا النار أو يأكلون النار في الآخرة. وهي كقوله في أكل مال اليتيم: إنما يأكلون في بطونهم نارا. وفي بطونهم لرفع المجاز في يأكلون. { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ } ظاهر في نفي تكليمه تعالى إياهم. وفيه دلالة على غضبه عليهم لأن في التكليم تأنيساً للمتكلم أو لا يكلمهم كلاماً فيه خير لهم بل ما يشق عليهم. { وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } أي لا يقبل أعمالهم فيثني عليهم. { فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } تعجب من كثرة صبرهم. كقوله تعالى:{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } [عبس: 17] و{ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ } [مريم: 38]، أي هم في حال عذاب يقول من يراهم: ما أصبرهم. وفي ما التعجيبية وأفعل خلاف مذكور في النحو. { ذَلِكَ } إشارة إلى الوعيد السابق من أكل النار وانتفاء التكليم والتزكية وهو مبتدأ خبره. { بِأَنَّ ٱللَّهَ } أي حاصل بأن الله. { نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } فلم يتبعوه وكتموه واشتروا به ثمناً قليلاً أقام السبب وهو تنزيل الكتاب بالحق مقام المسّبِب عنه وهو الكتمان والاشتراء كأنه قيل ذلك مستقر وثابت بالكتمان والاشتراء. { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ } وهم اليهود آمنوا ببعض التوراة وكفروا ببعضها. أو الكتاب القرآن والذين اختلفوا مشركوا العرب من قولهم سحر أساطير الأولين وغير ذلك. { لَفِي شِقَاقٍ } أي تباين وتباغض. { بَعِيدٍ } أي عن الحق والصواب.