{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } هم اليهود. { مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ } أي في التوراة كتموا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتموا الرجم. وقرىء { مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ } ومن بعد ما بينه وهو التفات خرج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب كما خرج فيما أنزلنا من الغيبة إلى التكلم. في قوله: فإِن الله. وقوله: ما أنزلنا. { فِي ٱلْكِتَابِ } التوراة أو القرآن أو كتب الله وكتمه بعد تبيينه أعظم في الاثم. وقد يكتم الانسان الشيء ولا يكون مبيّناً للناس. { أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } أولئك إشارة لمن اتصف بهذه الوصف القبيح وأبرز خبره في صورة جملتين تعظيماً لهذا الوصف الذي حل بهم واللاعنون الملائكة. ومن تتأتى منهم اللعنة كمؤمن الثقلين أو كل شيء وغلب العاقل في الجميع. { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } عن الكفر والكتمان. { وَأَصْلَحُواْ } قلوبهم بالنية الصالحة والأعمال الظاهرة. { وَبَيَّنُواْ } الحق الذي كتموه. { فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } أي اعطف. { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا } ذكر حال من كتم، ثم حال من تاب، ثم ذكر حال من وافى مصراً على الكفر، وجعل اللعنة قد تجللتهم وغشيتهم. { وَهُمْ كُفَّارٌ } جملة حالية ومجيئها بالواو في مثل هذا التركيب أكثر. و { لَعْنَةُ } مرفوع على الفاعلية إذ الجار والمجرور قد اعتمد لكونه خبراً. وقرىء والملائكة. { وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } وقرىء برفع الثلاث وكل من وقفنا على كلامه من معرب ومفسر جعله عطفاً على الموضع وقدروه أن يلعنهم الله وإن لعنهم الله وهذا لا يصح على قول المحققين من النحويين لأن من شرط العطف وجود المحرز الذي لا يتغير. وأيضا فلا يظهر أن لعنة هنا مصدر ينحل لحرف مصدري والفعل إذ لا يراد به العلاج، وكان المعنى أن عليهم لعنة الله كما جاء إلا لعنة الله على الظالمين وأضيف هذا المصدر على سبيل التخصيص لا على سبيل الحدوث وتخرج هذه القراءة على إضمار فعل يدل عليه ما قبل أي وتلعنهم الملائكة. أو على حذف مضاف أقيم المضاف إليه مقامه أي ولعنة الملائكة أو على أن الملائكة مبتدأ خبره محذوف تقديره أخيراً يعلنونهم. { خَالِدِينَ فِيهَا } في اللعنة أو في النار لدلالة اللعنة عليها ودلالة قوله: { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ } ولا يخفف حال من ضمير خالدين. وخالدين حال من ضمير عليهم أو هما حالان من ضمير عليهم على مذهب من يجيز حالين من ذي حال واحد وهو الصحيح. قالوا يا محمد صف لنا ربك فنزلت: { وَإِلَـٰهُكُمْ } الآية وسورة الاخلاص. والهكم { إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أي لا يتجزأ ولا نظير له ولم يكن معه في الأزل شيء. { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } توكيد لمعنى الوحدانية ودلت على حصر الألوهية فيه تعالى ولا يجوز أن يكون إلا هو خبراً.