الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

{ وَلَمَّآ جَآءَهُمْ } أي اليهود.

{ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } هو محمد صلى الله عليه وسلم ففيه التفات إذ خرج من خطاب إليك إلى اسم الغائب ووصف بأنه من عند الله تفخيماً لشأنه إذ الرسول على قدر المرسل ووصفه بأنه:

{ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } وتصديقه كونه على الوصف الذي ذكر في التوراة وعلى ما جاء في الكتب الالهية وكونه مصدّقاً لما معهم من الكتب الالهية. وقرىء مصدقاً على الحال.

{ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ } وهو التوراة.

{ كِتَٰبَ ٱللَّهِ } وهو القرآن.

{ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } هو مثل يضرب لمن أعرض عن الشيء جملة تقول العرب: جعل هذا الأمر وراء ظهره ودُبَرَ أذنه.

و { كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } جملة حالية. أي لا يعلمون أنه كتاب الله لا يداخلهم فيه شك لثبوته عندهم وإنما نبذه على سبيل المكابرة والعناد أو لا يعلمون ما أمروا به من اتباع الرسول عليه السلام.

{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ } قتلوا أي تتبع أو تقرأ وهو مضارع في معنى الماضي أي ما قلت والظاهر أن الشياطين هم الجن وقرىء الشياطون. وقالت العرب: بستان فلان حوله بساتون.

{ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } أي على شرعه ونبوته وحاله كتبت الشياطين السحر واختلقته ونسبته إلى سليمان وآصف.

{ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ } تنزيه له عليه السلام من الكفر. أي ليس ما اختلقته الجن تعاطاه سليمان لأنه كفر. وفيه نفي الشيء عن من لا يمكن وقوعه منه. وفي الحديث لما ذكر الرسول عليه السلام سليمان في الأنبياء قال بعض اليهود: انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء وما كان إلا ساحراً.

{ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ } وقرىء ولكن بالتشديد ونصب الشياطين وبالتخفيف والرفع ووقعت لكن بين نفي وإثبات وهي بسيطة وجهة الاستدراك أنه لما نفي الكفر عن سليمان وكان الشياطين قد سخرت له بحيث يستعلمهم فيما يشاء فقد يتوهم أنهم لا يكفرون إذ هم في خدمة نبي فاستدرك أنهم كفروا.

{ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } وهو الظاهر والأقرب أو اليهود العائد عليهم ضمير واتبعوا وهي استئناف اخبار واختلفوا في حقيقة السحر على أقوال ونص القرآن والحديث أنه تخييل ولا شك في وجوده في زمان الرسول عليه السلام وأما في زماننا الآن فكلما وقفنا عليه من كتبه فهو كذب وافتراء لا يترتب عليه شيء ولا يصح منه شيء البتة.

{ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } وما أنزل معطوف على السحر قيل أو على ما تتلو أو على ملك سليمان وهما ضعيفان للفصل بينهما بثلاث جمل والذي قال: ما نافية ينافي قوله.

{ وَمَا يُعَلِّمَانِ } وقرىء الملكين - بفتح اللام وكسرها - وقال ابن عباس: هما رجلان ساحران كانا ببابل لأن الملائكة لا تعلم الناس السحر.

السابقالتالي
2