الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ الۤـمۤ } * { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }

" الم " حروف التهجي هذه التي في أوائل السور اختلف الناس في المراد بها اختلافاً كثيراً ولم يقم دليل على تعيين شيء مما ذكروه والذي اختاره هو ما ذهب إليه الشعبي والثوري وجماعة من المحدثين قالوا: هي سر الله في القرآن وهي من المتشابه الذي انفرد الله تعالى بعلمه نؤمن بها ونمرها كما جاءت وإلى هذا ذهب الوزير الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الظاهري رحمه الله تعالى قال: هذه الحروف التي في فواتح السور هو المتشابه الذي استأثر الله بعلمه وسائر كلامه تعالى محكم " انتهى ". وهذه الحروف أوردت مفردة من غير عامل ولا عطف فاقتضت أن تكون مسكنة كأسماء الأعداد إذا أوردت من غير عامل ولا عطف فلا محل لها من الاعراب وقال الكوفيون: ألم ونظائرها آية في خلاف لهم في بعضها.

وقال البصريون وغيرهم: ليس شيء من ذلك آية ولم ينضبط لي ما سمى العادون في القرآن آية ولا عرفت مقدار ما لحظوا في ذلك ووقف أبو جعفر على كل حرف من حروف التهجي وقفه وقفة وأظهر النون من طسَم، ويَس، وعَسق ونَ الا من طس تلك فلم يظهر ذلك.

" ذلك " اسم إشارة واللام مشعرة ببعد المشار إليه والكاف للخطاب وإذا كان على موضوعه من البعد فأقوال كثيرة مضطربة: الأولى: أن تكون إشارة لما نزل بمكة من القرآن أو البعد بالنسبة إلى الغاية التي هي بين المنزل، والمنزل إليه. وسمعت شيخنا الأستاذ أبا جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي يقول ذلك إشارة إلى الصراط المستقيم كأنهم لما سألوه الهداية إلى الصراط المستقيم قيل لهم ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب وبهذا الذي ذكره الأستاذ يتبين وجه ارتباط سورة البقرة بسورة الحمد وهذا القول أولى لأنه إشارة إلى شيء سبق ذكره لا إلى شيء لم يجر له ذكر وقد ركبوا وجوهاً من الإِعراب في قوله.

" ذلك الكتاب لا ريب فيه " والذي اختاره أن يكون ذلك الكتاب جملة مستقلة لأنه متى أمكن حمل الكلام على الاستقلال دون إضمار ولا افتقار كان أولى.

" ولا ريب " جملة مستأنفة لا موضع لها من الاعراب أو في موضع نصب أي مبرّأ من الريب وقرىء لا ريب بالرفع وسياق الكلام يدل على أن المراد نفي كل ريب في هذه القراءة والفتح نص في العموم والذي نختاره أن الخبر محذوف للعلم به إذ لغة تميم إذا علم لا يلفظ به ولغة الحجاز كثرة حذفه إذ ذاك ولا ريب يدل على نفي الماهية أي ليس مما يحله الريب ولا يدل على نفي الارتياب لأنه قد وقع ارتياب من ناس ضلال، وعلى هذا لا يحتاج إلى حمله على نفي التعليق والمظنة كما حمله الزمخشري ولا يزد علينا وإن كنتم في ريب لاختلاف الحال والمحل فالحال في كنتم المخاطبون والريب هو المحل والحال هنا الريب منفياً والمحل الكتاب فلا تعارض بين كونهم في ريب من القرآن وكون الريب منفياً عن القرآن واختيار الزمخشري أن فيه خبر ولذلك بني عليه سؤالاً وهو ان قال هلا قدم الظرف على الريب كما قدم على الغول في قوله:

السابقالتالي
2