الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً } * { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } * { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } * { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } * { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } * { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } * { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } * { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } * { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } * { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً }

{ إِدْرِيسَ } جد أبي نوح وهو أخنوخ وهو أول من نظر في النجوم والحساب وجعله الله من معجزاته وأول من خط بالقلم وخاط الثياب ولبس المخيط وكانوا قبل يلبسون الجلود وأول مرسل بعد آدم وأول من اتخذ المكاييل والموازين والأسلحة فقاتل بني قابيل وامتنع من الصرف للعلمية والعجمة * والمكان العلي شرف النبوة والزلفى عند الله وقد أنزل الله عليه ثلاثين صحيفة وحديث أبي هريرة وأنس أنه في السماء الرابعة.

{ أُولَـٰئِكَ } مبتدأ والذين خبره وهو إشارة إلى من تقدم ذكره في هذه السورة من الأنبياء ومن في من النبيين للبيان لأن جميع الأنبياء منعم عليهم ومن الثانية للتبعيض وكان إدريس من ذرية آدم صلى الله عليه وسلم لقربه منه لأنه جد أبي نوح وإبراهيم من ذرية من حمل من نوح لأنه من ولد سام بن نوح.

{ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ } إسحاق ويعقوب وإسماعيل وإسرائيل معطوف على إبراهيم وزكريا ويحيى وموسى وهارون من ذرية إسرائيل وكذلك عيسى عليه السلام لأن مريم من ذريته.

{ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا } يحتمل العطف على من الأولى والثانية.

{ وَإِذَا تُتْلَىٰ } كلام مستأنف ويجوز أن يكون الذين صفة لأولئك والجملة الشرطية خبر وانتقل في هذه الجمل من الاسم الظاهر إلى ضمير المتكلم في قوله: حملنا وما بعده ثم إلى الاسم الظاهر في قوله: آيات الرحمن وهذا من التفنن في البلاغة والفصاحة وانتصب سجداً على الحال المقدرة لأنهم حالة الحزور ما كانوا سجداً والبكي جمع باك كشاهد.

{ وَبُكِيّاً } أصله بكوياً اجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت وكسر ما قبلها * قال ابن عطية: وبكيا بكسر الباء وهو مصدر لا يحتمل غير ذلك " انتهى " ليس قوله هذا بسديد لأن اتباع حركة الباء لحركة الكاف لا يعني المصدرية ألا تراهم قرؤا جثياً بكسر الجيم جمع جاث وقالوا: عصى فاتبعوا وسمع في جمعه بكاة كرام ورماة قال الشاعر:
ولا تراهم وإن جلت مصيبتهم   مع البكاة على من مات يبكونا
{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } الآية، قال ابن عباس ومقاتل: نزلت في اليهود وإضاعة الصلاة تأخيرها عن وقتها قاله ابن مسعود وغيره: والشهوات عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة وذكر الله وعن على الشهوات من بني الشديد وركب المنظور ولبس المشهور وألغى كل شر والرشاد كل خير وقال عبد الله بن عمرو وغيره الغي واد في جهنم.

{ إِلاَّ مَن تَابَ } إستثناء متصل والضمير في تاب مفرد عائد على لفظ من ثم حمل على المعنى فجمع في قوله: فأولئك، وقرىء: يدخلون مبنياً للفاعل والمفعول وانتصب جنات عدن على أنه بدل من قوله: الجنة، وقرىء: بالرفع على إضمار مبتدأ محذوف تقديره تلك جنات عدن والعدن الإِقامة يقال عدن بالمكان إذا قام به وقال الزمخشري: عدن علم لأن المضاف إليها وهو جنات وصف بالتي وهي معرفة فلو لم تكن جنات مضافة إلى معرفة لم توصف بالمعرفة " انتهى " ولا يتعين ذلك إذ يجوز أن تكون التي خبر مبتدأ محذوف أو منصوباً بإِضمار أعني أو أمدح أو بدلاً من جنات ويبعد أن يكون صفة لقوله الجنة للفصل بالبدل الذي هو جنات والحكم أنه إذا اجتمع النعت والبدل قدّم النعت وجيء بعده بالبدل ودعوى الزمخشري أن عدنا علم بمعنى العدن يحتاج إلى توقيف وسماع من العرب وكذا دعوى العلمية الشخصية فيه، وقال الزمخشري أيضاً: ولولا ذلك أي كونه علماً لأرض الجنة لما ساغ الإِبدال لأن النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة ولما ساغ وصفها بالتي " انتهى " أما قوله: ولولا ذلك إلى قوله: موصوفة فليس مذهب البصريين لأن مذهبهم جواز إبدال النكرة من المعرفة وإن لم تكن موصوفة وإنما ذلك شىء قاله البغداديون وهم محجوجون بالسماع على ما بيناه في كتبنا في النحو فملازمته فاسدة وبالغيب حال أي وعدها وهي غائبة عنهم أي وهم غائبون عنها لا يشهدونها ومأتياً مفعول من أتى واحتمل وعده أن يكون اسم مفعول أي موعوده.

السابقالتالي
2 3 4 5