الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } * { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } * { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } * { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } * { هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً } * { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } * { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } * { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } * { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } * { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } * { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } * { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً }

{ فَتُصْبِحَ صَعِيداً } أي أرضا بيضاء لا نبات فيها لا من كرم ولا نخل ولا زرع قد اصطلم جميع ما فيها فبقيت يبابا قفراً يزلق عليها لإملاسها والزلق الذي لا يثبت عليه قدم ذهبت غراسه ونباته وسلب المنافع حتى منفعة المشي فيه فهو وحل لا ينبت ولا يثبت فيه قدم فترجى المؤمن بجنة هذا الكافر آفة علوية من السماء أو آفة سفلية من الأرض وهو غور مائها فيتلف كل ما فيها من الشجر والزرع وغوراً مصدر خبر عن اسم أصبح على سبيل المبالغة وأو تصبح معطوف على قوله: ويرسل والضمير في له عائد على الماء أي: لن تقدر على طلب لكونه ليس مقدوراً على رد ماء غوره الله تعالى وبلغ الله المؤمن ما ترجاه من هلاك ما بيد صاحبه الكافر وإبادته على خلاف ما ظن في قوله ما أظن أن تبيد هذه أبداً فأخبر الله تعالى أنه أحيط بثمره وهوعبارة عن الإِهلاك وأصله الإِحاطة.

و { يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } ظاهره أنه يقلب كفيه ظهراً لبطن ندماً ولما كان هذا الفعل كناية عن الندم عداه تعدية فعل الندم فقال:

{ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا } كأنه قال: لا أصبح نادماً على ذهاب ما أنفق في عمارة تلك الجنة.

{ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } تقدم الكلام عليه في أواخر البقرة وتمينه انتفاء الشرك الظاهر أنه صدر منه ذلك في حالة الدنيا على جهة التوبة بعد حلول المصيبة وفي قوله: ترني دليل على إيمانه ولما افتخر بكثرة ماله وعز نفره أخبر تعالى أنه لم يكن له فئة أي جماعة تنصره ولا كان هو منتصراً بنفسه وجمع الضمير في ينصرونه على المعنى كما أفرده على اللفظ في قوله: تقاتل والحقيقة في هنالك أن يكون ظرف مكان للبعد وتقدم في الكلام ما يدل على الدار الآخرة فالظاهر أنه أشير به لدار الآخرة أي في تلك الدار الولاية لله كقوله تعالى:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 16] والولاية مبتدأ وهنالك الخبر وقرىء: الولاية بكسر الواو وفتحها، وقرىء: الحق بكسر القاف صفة لله، وقرىء: الحق بالرفع صفة للولاية هو خبر مبتدأ وخبر.

و { ثَوَاباً } تمييز ولما كان هنالك إشارة إلى الدار الآخرة ناسبة ذكر الخيرية الثواب فيها.

و { عُقْباً } بمعنى العاقبة.

{ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ } الآية لما بين تعالى في المثل الأول حال الكافر والمؤمن وما آل إليه ما افتخر به الكافر من الهلاك بين في هذا المثل حال الحياة الدنيا واضمحلالها ومصير ما فيها من النعيم والترفه إلى الهلاك وكما تقدم الكلام على تفسير نظير هذه الحملة يونس والهشيم اليابس قاله الفراء واحده هشيمة وقال الشاعر:
ولكن البلاء إذا اقشعرت   وصوح نبتها رعي الهشيم

السابقالتالي
2 3