الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } * { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } * { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } * { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } * { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } * { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } * { إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } * { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } * { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً } * { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } * { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } * { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } * { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } * { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } * { كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } * { ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً } * { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } * { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً }

{ وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ } أي ثواب الآخرة بأن يؤثرها على الدنيا ويعقد إرادته بها.

{ وَسَعَىٰ } فيما كلف من الأعمال والأقوال.

{ سَعْيَهَا } أي السعي المعد للنجاة فيها.

{ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } هو الشرط الأعظم في النجاة فلا ينفع أراده ولا سعي إلا بحصوله وفي الحقيقة هو الناشىء عنه إرادة الآخرة والسعي للنجاة فيها وحصول الثواب.

{ فَأُولَئِكَ } إشارة إلى من اتصف بهذه الأوصاف وراعى معنى من فلذلك كان بلفظ الجمع والله تعالى يشكرهم على طاعتهم وهو تعالى هو المشكور على ما أعطى وانتصب كلاً بنمد والامداد المواصلة بالشىء وهؤلاء وهؤلاء بدلان من كلا بدل تفصيل وقدره الزمخشري كل واحد من الفريقين نمد وأعربوا هؤلاء بدلاً من كلا ولا يصح أن يكون بدلاً من كلا على تقدير كل واحد لأنه يكون إذ ذاك بدل كل من بعض فينبغي أن يكون التقدير كل الفريقين فيكون بدل كل من كل على جهة التفصيل والظاهر أن هذا الامداد هو في الرزق في الدنيا ويدل على هذا التأويل.

{ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } أي رزقه لا يضيق عن مؤمن ولا كافر ومعنى محظوراً أي ممنوعاً والظاهر أن:

{ ٱنظُرْ } بصرية لأن التفاوت في الدنيا مشاهد.

و { كَيْفَ } سؤال عن الهيئة منصوب.

بـ { فَضَّلْنَا } والجملة في موضع نصب على إسقاط حرف الجر وهو إلى ويجوز أن يكون أنظر من نظر القلب فيكون حرف الجر المقدر لفظه في والتفضيل هنا في الدنيا ودرجات منصوباً على التمييز والمفضل عليه محذوف تقديره من درجات الدنيا وتفضيلها والخطاب في:

{ لاَّ تَجْعَل } للسامع المخاطب غير الرسول.

{ فَتَقْعُدَ } قال الفراء وتبعه الزمخشري فتقعد بمعنى فيصير فيكون اسمها ضمير المخاطب وخبرها.

{ مَذْمُوماً } وحكى الكسائي عن العرب وقعد لا يسأل حاجة إلا قضاها وأصحابنا لا يجعلون قعد بمعنى صار إلا في المثل في قولهم: شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة أي صارت ومذموماً حال عندهم من الضمير المستكن في فتقعد ويؤولونه على معنى فيثبت ويسكن في حال الذم.

{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ } الآية قال ابن عباس: وجماعة قضى بمعنى أمر وأن حرف تفسير * وقال أبو البقاء ويجوز أن يكون في موضع نصب أي ألزم ربك عبادته ولا زائدة انتهى وهذا وهم لدخول إلا على مفعول تعبد ويلزم أن يكون منفياً أو مبهماً ولا تعبدوا نهي.

و { إِحْسَاناً } مصدر بمعنى الأمر عطف ما معناه أمر على نهي كما عطف في قوله * يقولون لا تهلك أسى وتجمل * وقد اعتنى بالأمر بالإِحسان إلى الوالدين حيث قرن بقوله: لا تعبدوا إلا إياه ويتقديمهما اعتناء بهما على قوله إحساناً ومناسبة اقتران بر الوالدين بإِفراد الله بالعبادة من حيث أنه تعالى هو الموجود حقيقة والوالدان وساطة في إنشائه وهو تعالى المنعم بإِيجاده ورزقه وهما ساعيان في مصالحه * وقال الزمخشري اما هي ان الشرطية زيدت عليها ما توكيداً لها ولذلك دخلت النون المؤكدة في الفعل ولو أفردت لم يصح دخولها لا تقول ان تكرمن زيداً يكرمك ولكن إما تكرمنه انتهى * وهذا الذي ذكره مخالف لمذهب سيبويه لأن مذهبه أنه يجوز أن يجمع بين اما ونون التوكيد وأن تأتي بأن وحدها ونون التوكيد وأن تأتي باما وحدها دون نون التوكيد وقال سيبويه في هذه المسئلة: وإن شئت لم تقحم النون كما أنك إن شئت لم تجىء بما يعني مع النون وعدمها وقرىء:

{ يَبْلُغَنَّ } بنون التوكيد وعند متعلق به.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8