الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } * { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } * { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ }

{ وَهُدًى وَرَحْمَةً } في موضع نصب على أنهما مفعول من أجله وانتصبا لاتحاد الفاعل في الفعل وفيهما لأن المنزل هو الله تعالى وهو الهادي والراحم ودخلت اللام في لتبين لاختلاف الفاعل لأن المنزل هو الله تعالى والتبيين مسند للمخاطب وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الزمخشري: معطوفان على محل لتبين " انتهى ".

ليس بصحيح لأن محله ليس نصباً فيعطف منصوب عليه ألا ترى أنه لو نصبه لم يجز لاختلاف الفاعل.

{ وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً } الآية، لما ذكر تعالى إنزال الكتاب المبين كان القرآن حياة الأرواح وشفاء لما في الصدور من علل العقائد ولذلك ختم بقوله: يؤمنون أي يصدقون والتصديق محله القلب ذكر إنزال المطر الذي هو حياة الأجسام وسبب لبقائها ثم أشار بإِحياء الأرض بعد موتها إلى إحياء القلوب بالقرآن كما قال تعالى:أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ } [الأنعام: 122] فكما تصير الأرض خضرة بالنبات نضرة بعد همودها كذلك القلب يحيا بالقرآن بعد أن كان ميتاً بالجهل ولذلك ختم بقوله: يسمعون، أي هذا التشبيه المشار إليه والمعنى سماع أنصاف وتدبر ولملاحظة هذا المعنى والله أعلم لم يختم بقوله: يبصرون، وان كان إنزال المطر مما يبصر ويشاهد.

{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً } الآية، لما ذكر تعالى إحياء الأرض بعد موتها ذكر ما ينشأ عن المطر وهو حياة الانعام التي هي مألوف العرب بما تتناوله من النبات الناشىء عن المطر ونبه على العبرة العظيمة وهو خروج اللبن من بين فرث ودم والفرث كثيف ما يبقى من المأكول في الكرش أو الأمعاء وذكر في قوله: مما في بطونه ولا ضعف في ذلك من هذه الجهة لأن التأنيث والتذكير باعتبار وجهين وأعاد الضمير مذكراً مراعاة للجنس لأنه إذا صح وقوع المفرد الدال على الجنس مقام جمعه جاز عوده عليه مذكراً كقولهم هو أحسن الفتيان وأنبله لأنه يصح هو أحسن فتى وإن كان هذا لا ينقاس عند سيبويه إنما يقتصر فيه على ما قالته العرب.

قال الزمخشري: ذكر سيبويه الانعام في باب ما لا ينصرف من الأسماء المفردة على أفعال كقولهم: ثوب أكياش ولذلك رجع الضمير إليه مفرداً " انتهى ".

قال سيبويه: وأما أفعال فقد يقع للواحد فقول سبيويه فقد يقع للواحد دليل على أنه ليس ذلك بالوضع وقول الزمخشري أنه ذكره في الأسماء المفردة على أفعال تحريف في اللفظ وفهم عن سيبويه ما لم يرده ويدل على ما قلناه أن سيبويه حين ذكر أبنية الأسماء المفردة نص على أن أفعالاً ليس من أبنيتها.

قال سيبويه في باب ما لحقته الزوائد من بنات الثلاثة وليس في الكلام أفعيل ولا أفعول ولا أفعيل ولا أفعال إلا أن يكسر عليه أسماء للجميع " انتهى ".

السابقالتالي
2 3 4