الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } * { رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ } * { رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ } * { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } * { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } * { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } * { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } * { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } * { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } * { وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } * { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ عَلَى ٱلْكِبَرِ } يدل على مطلق الكبر ولم يتعين المدة التي وهب له فيها ولداه وروي أنه ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة وولد له إسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة.

قال الزمخشري: ويجوز أن يكون من إضافة فعيل إلى فاعله ويجعل دعاء الله سميعاً على الاسناد المجازي والمراد سماع الله. " انتهى ".

هذا بعيد لاستلزامه أن يكون من باب الصفة المشبهة والصفة متعدية ولا يجوز ذلك إلا عند أبي علي الفارسي حيث لا يكون لبس وأما هنا فاللبس حاصل إذ الظاهر أنه من إضافة المثال للمفعول لا من إضافته للفاعل وإنما أجاز ذلك الفارسي في مثل زيد ظالم العبيد إذا علم أن له عبيداً ظالمين والظاهر أن إبراهيم عليه السلام سأل المغفرة لأبويه القريبين وكانت أمه مؤمنة وكان والده لم ييأس من إيمانه ولم تتبين له عداوة الله.

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً } الآية، الخطاب في قوله: " ولا تحسبن " للسامع الذي يمكن فيه حسبان مثل هذه الجملة بصفات الله لا للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه مستحيل ذلك في حقه وفي هذه الآية وعيد عظيم للظالمين ومعنى:

{ مُهْطِعِينَ } مسرعين. ومعنى:

{ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } وجوه الناس يومئذٍ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. ومعنى:

{ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي اضطراب أفئدتهم وجيشانها في الصدور وانها تجيء تذهب وتبلغ على ما روي حناجرهم فهي في ذلك كالهواء الذي هو أبدا في اضطراب وحصول هذه الصفات الخمس للظالمين قيل عند المحاسبة بدليل ذكرها عقيب قوله تعالى: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَاب }.

{ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم منصوب على أنه مفعول ثان لأنذر ولا يصح أن يكون ظرفاً لأن ذلك اليوم ليس بزمان الإِنذار وهذا اليوم هو يوم القيامة وأنذر الناس الظالمين وبين ذلك قوله:

{ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } لأن المؤمنين يبشرون ولا ينذرون.

{ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ } هو على إضمار القول والظاهر أن التقدير فيقال لهم والقائل الملائكة أو الباري تعالى يوبخون بذلك ويذكرون بذلك مقالتهم في إنكار البعث وأقسامهم على ذلك كما قال تعالى:وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [النحل: 38].

قال الزمخشري: أو لم تكونوا أقسمتم على إرادة القول وفيه وجهان أن يقولوا ذلك بطراً وأشراً ولما استولى عليهم من إعادة الجهل والسفه وأن يقولوا بلسان الحال حيث بنوا شديداً وأملوا بعيدا وما لكم جواب القسم وإنما جاء بلفظ الخطاب لقوله: " أقسمتم " ولو حكى لفظ المقسمين لقال ما لنا من زوال والمعنى أقسمتم أنكم باقون في الدنيا لا تزولون بالموت والفناء وقيل: لا تنتقلون إلى دار أخرى " انتهى ".

السابقالتالي
2 3