الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } * { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } * { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ }

{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ } بدأ بحال المؤمن وتثبيته في الدنيا كونه لو فتن عن دينه في الدنيا لثبت عليه وما زال كما جرى لأصحاب الأخدود ثم ذكر حال الكافر بقوله:

{ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ } ولما ذكر تعالى ما فعل بكل واحد من القسمين ذكر أنه لا يمكن اعتراض عليه فيما خص به كل واحد منهما إذ ذاك راجع إلى مشيئة الله تعالى فقال:

{ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } لا يسأل عما يفعل.

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً } الآية، الذين بدلوا ظاهره أنه عام في جميع المشركين وسأل ابن عباس عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هما الأبحران من قريش أخوالي أي بني مخزوم واستؤصلوا ببدر وأعمامك أي بني أمية وبدل يتعدى إلى اثنين أحدهما بالباء أو ما جرى مجراها وقد تحذف الباء وهي هنا محذوفة تقديره بنعمة الله أي بشكر نعمة الله وتقدّم الكلام على مثل ذلك في قوله تعالى:وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } [البقرة: 108].

{ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } أي دار الهلاك وجهنم بدل من قوله دار البوار والمخصوص بالذم محذوف تقديره وبئس القرار هي أي جهنم.

{ وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً } أي زادوا إلى كفر نعمته أن صيروا له أنداداً وهي الأصنام التي اتخذوها آلهة من دون الله والظاهر أن اللام لام الصيرورة والمآل لما كانت نتيجة جعل الأنداد آلهة آل إلى الضلال والأمر بالتمتع أمر تهديد ووعيد.

{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية، لما ذكر حال الكفار وكفرهم نعمته وجعلهم أنداداً وتهددهم أمر المؤمنين بلزوم الطاعة والتيقظ لأنفسهم والتزام عمودي الإِسلام والصلاة والزكاة قبل مجيء يوم القيامة ومعمول قبل محذوف تقديره وأقيموا الصلاة ويقيموا جواب لهذا الأمر المحذوف وعلامة الجزم فيه حذف النون.

قال ابن عطية: ويظهر أن المقول هو الآية التي بعد أي قوله: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } " انتهى ". وهذا الذي ذهب إليه من كون معمول القول هو قوله: " الله الذي خلق " الآية، تفكيك للكلام يخالفه ترتيب التركيب ويكون قوله: " يقيموا الصلاة " كلاماً مفلتاً من القول ومعموله أو يكون جواباً فصل به بين القول ومعموله ولا يترتب أن يكون جواباً لأن قوله تعالى: { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } لا يستدعي إقامة الصلاة والانفاق إلا بعد تقدير بعيد جداً وتقدم الكلام على قوله تعالى: { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } في البقرة ولما أطال الكلام في وصف أحوال السعداء والأشقياء ختم وصفه بالدلائل الدالة على وجود الصانع فقال: " الله الذي خلق " الآية، وذكر أنواعاً من الدلائل فذكر أولاً إبداعه وإنشاءه السماوات والأرض ثم أعقب بباقي الدلائل وأبرزها في جملة مستقلة ليدل وينبه على أن كل جملة منها مستقلة في الدلالة ولم يجعل متعلقاتها معطوفات عطف المفرد على المفرد ولفظ الجلالة الله مرفوع على الابتداء والذي خبره.

السابقالتالي
2 3