الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } * { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

{ وَبَرَزُواْ } أي ظهروا من قبورهم إلى جزاء الله وحسابه والذين استكبروا هم رؤساؤهم وقادتهم استتبعوا الضعفاء واستغووهم واستكبروا تكبروا وأظهروا تعظيم أنفسهم أو استكبروا عن اتباع الرسل وعبادة الله تعالى وتبعاً يحتمل أن يكون اسم جمع لتابع كخادم وخدم وغائب وغيب ويحتمل أن يكون مصدراً كقوم عدل ورضا وهل أنتم مغنون عنا استفهام معناه توبيخهم إياهم وتقريعهم وقد علموا أنهم لن يغنوا شيئاً والمعنى انا تبعناكم فيما كنتم فيه من الضلال كما أمرتمونا وما أغنيتم عنا شيئاً ولذلك جاء جوابهم لو هدانا الله لهديناكم أجابوا بذلك على سبيل الاعتذار والخجل ورد الهداية إلى الله تعالى وهو كلام حق في نفسه. قال الزمخشري: من الأولى للتبيين والثانية للتبعيض كأنه قيل هل أنتم مغنون عنا بعض الشىء الذي هو عذاب الله ويجوز أن يكون للتبعيض معاً أي هل أنتم مغنون عنا بعض شىء هو بعض عذاب الله أي بعض بعض عذاب الله. " انتهى " هذا التوجيهان اللذان وجههما الزمخشري في المكانين يقتضي أولهما التقديم في قوله من شىء على قوله من عذاب الله لأنه جعل من شىء هو المبين بقوله: من عذاب الله ومن التبيينية يتقدم عليها ما نبينه ولا يتأخر والتوجيه الثاني وهو بعض شىء هو بعض العذاب يقتضي أن يكون بدلاً فيكون بدل عام من خاص لأن من شىء أعم من قوله من عذاب الله وان عنى بشىء شيئاً من العذاب فيؤول المعنى إلى ما قدر وهو بعض عذاب الله وهذا لا يقال لأن بعضية الشىء مطلقة فلا يكون لها بعض والظاهر أن قوله: سواء علينا أجزعنا أم صبرنا إلى آخره داخل تحت قول المستكبرين جاءت جملاً بلا واو عطف كأن كل جملة أنشئت مستقلة غير معطوفة وان كانت مرتبطاً بعضها ببعض من جهة المعنى لأن سؤالهم هل أنتم مغنون عنا إنما كان لجزعهم مما هم فيه فقالوا لهم في ذلك سووا بينهم في ذلك لاجتماعهم في عقاب الضلالة التي كانوا مجتمعين فيها يقولون ما هذا الجزع والتوبيخ ولا فائدة في الجزع كما لا فائدة في الصبر أو لما قالوا: لو هدانا الله اتبعوا ذلك بالاقناط من النجاة فقالوا ما لنا من محيص أي منجى ومهرب جزعنا أم صبرنا وتقدم الكلام في مثل هذه التسوية في البقرة والظاهر أن هذه المحاورة بين الضعفاء والرؤساء هي في موضع العرض وقت البروز بين يدي الله تعالى.

{ وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ } مناسبة هذه لما قبلها أنه لما ذكر محاورة الاتباع لرؤسائهم الكفرة ذكر محاورة الشيطان واتباعه من الانس وذلك لاشتراك الرؤساء والشيطان في التلبس بالاضلال والشيطان هنا إبليس وهو رأس الشياطين ومعنى قضي الأمر تعين قوم للجنة وقوم للنار وذلك كله في الموقف ووعد الحق يحتمل أن يكون من إضافة الموصوف إلى صفته أي الوعد الحق وان يكون الحق صفة الله أي وعده وأن يكون الحق الشىء الثابت وهو البعث والجزاء على الاعمال أي يوفى لكم بما وعدكم.

السابقالتالي
2 3