الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } * { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } * { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ }

{ وَكَذٰلِكَ } أي مثل إنزالنا الكتاب على الأنبياء قبلك لأن قوله: { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } ، يتضمن إنزاله تعالى الكتاب وهذا الذي أنزلناه هو بلسان العرب كما أن الكتب السابقة بلسان من نزلت عليه واراد بالحكم أنه مفصل بين الحق والباطل ومحكم وانتصب { حُكْماً } على الحال من الضمير النصب في أنزلناه والضمير عائد على القرآن والحكم ما تضمنه القرآن من المعاني ولما كانت العبارة عنه بلسان العرب نسبه إليها.

{ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ } الخطاب لغير الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم من اتباع أهوائهم.

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ } الآية، قال الكلبي عيرت اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح ولو كان نبياً كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء فنزلت هذه الآية.

قيل وكانوا يقترحون عليه الآيات وينكرون النسخ فرد الله عليهم بأن الرسل قبله كانوا مثله ذوي أزواج وذرية وما كان لهم أن يأتوا بآيات برأيهم ولا يأتون بما يقترح عليهم والشرائع مصالح تختلف باختلاف الأحوال والأوقات فلكل وقت حكم يحكم فيه على العباد أي يفرض عليهم ما يريده تعالى وقوله: لكل أجل كتاب لفظ عام في الأشياء التي لها آجال لأنه ليس منها شىء إلاّ وله أجل في بداءته وفي خاتمته وذلك الأجل مكتوب ومحصور والظاهر أن المحور عبارة عما نسخ من الشرائع والاحكام والإِثبات عبارة عن دوامها وتقررها وبقائها أي يمحو ما يشاء محوه ويثبت ما يشاء إثباته.

{ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } هو ديوان الأمور المحدثة التي سبق في القضاء أن تبدل تمحي وتثبت.

و { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ } تقدم الكلام عليه في يونس واما هنا فقال الحوفي وغيره: فإِنما عليك جواب الشرط والذي تقدم شرطان لأن المعطوف على الشرط شرط اما كونه جواباً للشرط فليس بظاهر لأنه يترتب عليه إذ يصير المعنى لا ما نرينك يعني ما نعدم من العذاب فإِنما عليك البلاغ وأما كونه جوابه للشرط الثاني وهو أو نتوفينك فكذلك لأنه يصير التقدير ان ما نتوفينك فإِنما عليك البلاغ، ولا يترتب وجوب التبليغ عليه على وفاته صلى الله عليه وسلم لأن التكليف ينقطع بعد الوفاة فيحتاج إلى تأويل وهو أن يتقدر لكل شرط منهما ما يناسب أن يكون جزاء مترتباً عليه وذلك أن يكون التقدير والله أعلم واما نرينك بعض الذين نعدهم به من العذاب فذلك شافيك من أعدائك ودليل على صدقك إذ أخبرت بما يحل بهم ولم يعين زمان حلوله بهم واحتمل أن يقع ذلك في حياتك واحتمل أن يقع بهم بعد وفاتك أو نتوفينك أو أن نتوفينك قبل حلوله بهم فلا لوم عليك ولا عتب إذ قد حل بهم بعض ما وعد الله به على لسانك من عذابهم فإِنما عليك البلاغ لا حلول العذاب بهم إذ ذاك راجع إلينا وعلينا جزاؤهم في تكذيبهم إياك وكفرهم بما جئت به.

السابقالتالي
2