الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } * { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } * { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } * { فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } * { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } * { قَالُواْ تَاللهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ } * { قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } * { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } * { قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } * { قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } * { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ }

{ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِْ } قيل: قال لهم من وكل بهم لا بد من وكل بهم لا بد من تفتيش أوعيتكم فانطلق بهم إلى يوسف عليه السلام فبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء بنيامين لنفي التهمة وتمكين الحيلة واتقاء ظهورها حتى بلغ وعاءه فقال: ما أظن هذا أخذ شيئاً فقالوا: والله لا تتركه حتى تنظر في رحله فإِنه أطيب لنفسك وأنفسنا فاستخرجها منه.

{ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } يعني علمناه إياه وأوحينا به إليه وقولهم.

{ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } لا يدل على الجزم بأنه سرق بل أخرجوا ذلك مخرج الشرط أي إن كان وقع منه سرقة فهو تأسى بمن سرق قبله فقد سرق أخ له من قبل والتعليق على الشرط على أن السرقة في حق بنيامين وأخيه ليست مجزوماً بها كأنهم قالوا: إن كان هذا النهي رمى به بنيامين حقاً فالذي رمى به يوسف من قبل حق لكنه قوي الظن عندهم في حق يوسف بما ظهر لهم أنه جرى من بنيامين ولذلك قالوا ان ابنك سرق وقيل حققوا السرقة في جانب بنيامين وأخيه بحسب ظاهر الأمر فكأنهم قالوا: إن كان قد سرق فغير بدع من ابني راحيل لأن أخاه يوسف قد كان قد سرق فعلى هذا القول يكون قولهم: انحاء على يوسف وبنيامين وقولهم: هذا هو بحسب الظاهر والأخبار بأمر جرى لتزول المعرة عنهم وتختص بالشقيقين وتنكير أخ في قولهم: فقد سرق أخ له من قبل لأن الحاضرين لا علم لهم به وقالوا له: لأنه كان شقيقه والجمهور على أن السرقة التي نسبت إلى يوسف صلى الله عليه وسلم هي أن عمته ربته وشب عندها وأراد يعقوب أخذه فأشفقت من فراقه فأخذت منطقة إسحاق وكانت متوارثة عندهم فنطقته بها من تحت ثيابه ثم صاحت وقالت: فقدت المنطقة ففتشت فوجدت عند يوسف فاسترقته حسبما كان عندهم في شرعهم وبقي عندها حتى ماتت فصار عند أبيه والضمير في فأسرها يفسره سياق الكلام أي الحزازة التي حدثت في نفسه من قولهم: والظاهر من قوله:

{ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } خطابهم بهذا القول في الوجه فكأنه أسر كراهية مقالتهم ثم وبخهم بقوله: أنتم شر مكانا، وفيه إشارة إلى تكذيبهم ومعنى:

{ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ } يعني هو أعلم بما تصفون منكم لأنه عالم بحقائق الأمور وكيف كانت سرقة أخيه التي أحلتم سرقته عليه.

{ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } الآية استعطفوا يوسف إذ كان قد أخذ عليهم الميثاق ومعنى كبيراً في السن أو القدر وكانوا قد اعلموا يوسف بأنه كان له ابن هلك وهذا شقيقه ليستأنس به وخاطبوه بالعزيز إذ كان في تلك الخطة بعزل قطفير وموته على ما سبق ومعنى مكانه أي بدله على جهة الاسترهان والاستبعاد وقوله: من المحسنين بما شاهدوه من إحسانه لهم ولغيرهم، أو من المحسنين إلينا في هذه اليد ان أسديتها إلينا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7