الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } * { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ }

{ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ } قيل: كانوا من مدين قاصدين إلى مصر.

{ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } وهو مالك بن دعر الخزاعي الذي يرد لهم الماء.

{ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } أي أرسلها ليستقي الماء.

{ قَالَ يٰبُشْرَىٰ } أي أرسلها ليستقي الماء.

{ قَالَ يٰبُشْرَىٰ } في الكلام حذف تقديره فتعلق يوسف بحبل الدلو فلما بصر به المولى قال: يا بشراي، وتعلقه بالحبل يدل على صغره إذ لو كان ابن ثمانية عشر أو سبعة عشر لم يحمله الحبل غالباً ولفظة غلام نرجح ذلك إذ يطلق عليه ما بين الحولين إلى البلوغ حقيقة، وقد يطلق على الرجل الكامل. وقوله: يا بشراي، هو على سبيل السرور والفرح بيوسف عليه السلام إذ رأى أحسن ما خلق وأضاف البشرى إلى نفسه. وقرىء: يا بشراي بياء الإِضافة، ويا بشرى قيل: ذهب به الوارد إلى أصحابه فبشرهم به.

{ وَأَسَرُّوهُ } أي أخفوه وكتموا أمره من وجدانهم له في الجب. وقالوا: دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر وقال ابن عباس: الضمير في وأسروه وشروه لأخوة يوسف عليه السلام وأنهم قالوا للرفقة: هذا غلام قد أبق لنا فاشتروه منا وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه.

وانتصب: { بِضَاعَةً } على الحال، أي متجراً لهم ومكسباً.

{ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي لم يخف عليهم اسرارهم، أو هو وعيد لهم حيث استبعضوا ما ليس لهم.

{ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } الآية، وشروه أي باعوه. والظاهر أن الضمير في شروه عائد على السيارة، أي وباعوا يوسف. ومن قال ان الضمير في وأسروه عائد على اخوة يوسف جعله هنا عائداً عليهم أي وباعوا أخاهم يوسف بثمن بخس، وبخس مصدر وصف به بمعنى مبخوس، أي زيف ناقص العيار ودراهم بدل من ثمن فلم يبيعوه بدنانير " ومعدودة " إشارة إلى القلة وكانت عادتهم أنهم لا يزنون إلا ما بلغ أوقية وهي أربعون درهماً لأن الكثرة يعسر فيها العدد بخلاف القليلة. قال ابن عباس: أربعون درهماً.

{ وَكَانُواْ فِيهِ } الضمير عائد على يوسف وفيه الأجود ان يكون متعلقاً بالزاهدين وإن كان في صلة الألف واللام، لأن الظرف والمجرور يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما بخلاف المفعول به. وتقدم الخلاف في ذلك في قوله:إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [الأعراف: 21].

{ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ } لم تتعرّض الآية لاسم من اشتراه، وذكر المفسرون فيه اختلافاً كثيراً. و " مثواه " مكان إقامته وهو كناية عن الإِحسان إليه في مأكل ومشرب وملبس، ولام لامرأته تتعلق بيقال فهي للتبليغ، نحو قلت لك: لا باشتراه.

{ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ } لعله إذا تدرّب وراض الأمور وعرف مجاريها نستعين به على بعض ما نحن بصدده فينفعنا بكفايته أو نتبناه ونقيمه مقام الولد. وقيل: كان عقيماً لا يولد له فتفرس فيه الرشد فقال ذلك.

السابقالتالي
2