الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } * { وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ }

{ وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا } الآية، الضمير في وقال عائد على نوح عليه السلام، أي وقال نوح حين أمر بالحمل في السفينة لمن آمن معه ومن أُمر بحمله اركبوا فيها. والظاهر أنه خطاب لمن يعقل خاصة لأنه لا يليق بمن لا يعقل. وعدي اركبوا بفي لتضمنه معنى صيروا فيها أو ادخلوا فيها، والتقدير اركبوا الماء فيها.

والباء في { بِسْمِ ٱللَّهِ } في موضع الحال أي متبركين باسم الله. ومجراها ومرساها منصوبان اما على أنهما ظرفا زمان أو مكان لأنهما يجيئان لذلك، أو ظرفا زمان على جهة الحذف كما حذف من جئتك مَقْدَم الحاج.

ويجوز أن يكون مجراها ومرساها مرفوعين على الابتداء. وبسم الله الخبر.

{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ } إخبار من الله تعالى بما جرى للسفينة. وبهم حال، أي ملتبسة بهم. والمعنى تجري وهم فيها.

{ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ } أي في موج الطوفان شبه كل موجة منه بجبل في تراكمها وارتفاعها. وقوله: في موج، يدل على أن الموج كان ظرفاً لهم، وهم مظروفون فيه وكانت السفينة تسبح بهم في الماء كالسمكة.

{ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ } الآية، الواو لا ترتب وهذا النداء كان قبل جري السفينة في قوله: وهي تجري بهم، وفي إضافته إليه هنا. وفي قوله: ان ابني من أهلي، وندائه دليل على أنه ابنه لصلبه، قاله ابن عباس: والضمير في كان عائد على ابنه.

وأدغم بعض القراء الباء في الميم في اركب معنا، لاشتراكهما في أنهما من حروف الشفة، ولذلك أبدلت في قول بعضهم باسمك، يريدون ما اسمك، ونداؤه بالتصغير خطاب تحنن ورأفة. والمعنى اركب معنا في السفينة فتنجو.

{ وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ } فتهلك. وظن ابن نوح أن ذلك المطر والتفجر على العادة ولذلك:

{ قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ } أي من وصول الماء إليّ فلا أغرق. وهذا يدل على تماديه في الكفر وعدم وثوقه بأبيه فيما أخبر. وقيل: والجبل الذي عناه طور زيتا فلم يمنعه. والظاهر إبقاء عاصم على حقيقته وانه نفي كل عاصم من أمر الله في ذلك الوقت وان من رحم يقع فيه من على المعصوم.

والضمير الفاعل يعود على الله تعالى. وضمير الموصول محذوف ويكون الاستثناء منقطعاً، أي لكن من رحمه الله معصوم.

{ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ } أي بينه وبين نوح عليه السلام. قيل: كانا يتراجعان الكلام فما استتمت المراجعة حتى جاءت موجة عظيمة وكان راكباً على فرس قد بطر وأعجب بنفسه فالتقمته وفرسه. وحيل بينه وبين نوح فغرق.

{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ } الآية، في هذه الآية أحد وعشرون نوعاً من البديع المناسبة في قوله: اقلعي وابلعي والمطابقة بذكر الأرض والسماء. والمجاز في قوله: يا سماء والمراد مطر السماء.

السابقالتالي
2 3