الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ }

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } الآية، الظاهر أن أم منقطعة فتقدر ببل، والهمزة أي بل أيقولون افتراه، والضمير في افتراه عائد على قوله: يوحى إليك وهو القرآن.

ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لا تتعلق أطماعهم بأن يترك بعض ما أوحي إليه إلا لدعواهم أنه ليس من عند الله وأنه هو الذي افتراه وإنما تحداهم أولاً بعشر سور مفتريات قبل تحديهم بسورة إذ كانت هذه السورة مكية، والبقرة مدنية، وسورة يونس أيضاً مكية، ومقتضى التحدي بعشر سور أن يكون قبل طلب المعارضة بسورة فلما نسبوه إلى الافتراء طلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات إرخاء لعنانهم وكأنه يقول: هبوا اني اختلقته ولم يوح إلي فأتوا أنتم بكلام مثله مختلق من عند أنفسكم فأنتم عرب فصحاء مثلي لا تعجزون عن مثل ما أقدر عليه من الكلام. وإنما عنى بقوله: مثله من حسن النظم والبيان وإن كان مفترى. وشأن من يريد تعجيز شخص أن يطالبه أولاً بأن يفعل أمثالاً مما يفعل هو ثم إذا تبين له عجزه قال له: إفعل مثالاً واحداً.

{ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } الذي يظهر أن الضمير في فإِن لم يستجيبوا عائد على من استطعتم. ومن لكم عائد على الكفار لعود الضمير على أقرب مذكور، ولكون الخطاب يكون لواحد ولترتب الجواب على الشرط ترتباً حقيقياً من الأمر بالعلم. ولا يتجوز بأنه أريد به فدوموا على العلم بأن لا إله إلا هو ولا أن يكون قوله: فهل أنتم مسلمون تحريضاً على تحصيل الإِسلام لا انه يراد به الإِخلاص ولما طولبوا بالمعارضة وأمروا بأن يدعوا من يساعدهم، فلم تمكن المعارضة ولا استجاب أصنامهم وآلهتهم لهم أمروا بأن يعلموا أنه من عند الله وليس مفترى، فيُمكن معارضته وأنه تعالى هو المختص بالألوهية لا يشركه في شىء منها آلهتهم وأصنامهم فلا يمكن أن يجيبوا لظهور عجزهم، وانها لا تنفع ولا تضر في شىء من المطالب.

{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } الآية، مناسبتها مما قبلها أنه تعالى لما ذكر أشياء من أحوال الكفار المنافقين في القرآن، ذكر شيئاً من أحوالهم الدنيوية وما يؤولون إليه في الآخرة. وظاهر من العموم في كل من يريد زينة الحياة الدنيا والجزاء مقرون بمشيئة الله تعالى. وجاء فعل الشرط ماضياً في قوله: من كان، وفعل الجزاء مضارعاً مجزوماً وهو نوّف والجزم أفصح من الرفع إذ لو جاء نوفى مرفوعاً لكان جائزاً كما قال الشاعر:
وان أتاه خليل يوم مسألة   يقول لا غائب مالي ولا حرم
فرفع يقول ولو جزمه لكان أفصح كالآية وأفرد الضمير في كان يريد على لفظ من وجمعه في قوله إليهم مراعاة للمعنى.

السابقالتالي
2