الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } * { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } * { وَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ } الآية، لولا هنا للتحضيض صحبها معنى التفجع والتأسف الذي ينبغي أن يقع من البشر على هذه الأمم التي لم تهتد. والقرون: قوم نوح وعاد وثمود ومن تقدم ذكره. والبقية هنا يراد بها الخير والنظر إلا قليلاً استثناء منقطع أي لكن قليل من أنجينا منهم نهوا عن الفساد وهم قليل بالإِضافة إلى جماعاتهم. والظاهر أن الذين ظلموا هم تاركوا النهي عن الفساد. وما أترفوا فيه، أي نعّموا فيه من حب الرياسة والثروة وطلب أسباب العيش النهي ورفضوا ما فيه صلاح دينهم.

{ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } أي ذوي جرائم غير ذلك. قال الزمخشري: إن كان معناه واتبعوا الشهوات كان معطوفاً على مضمر لأن المعنى إلا قليلاً ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد في الأرض واتبع الذين ظلموا شهواتهم فهو عطف على نهوا وإن كان معناه واتبعوا جزاء الإِتراف، فالواو للحال كأنه قيل: أنجينا القليل وقد اتبع الذين ظلموا جزاءهم وكانوا مجرمين لأن تابع الشهوات مغمور بالآثام. " انتهى ".

جعل ما في قوله: ما أترفوا فيه، مصدرية ولهذا قدره اتبعوا، والظاهر أنها بمعنى الذي لعود الضمير في فيه عليها. وأجاز أيضاً أن يكون معطوفاً على اتبعوا، أي اتبعوا شهواتهم وكانوا مجرمين بذلك. وأجاز أيضاً أن يكون اعتراضاً وحكماً عليهم بأنهم قوم مجرمون. " انتهى ".

ولا يسمى هذا اعتراضاً في اصطلاح النحويين لأنه آخر آية فليس بين شيئين يحتاج أحدهما إلى الآخر.

{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } الآية، تقدم تفسير شبه هذه الآية في الانعام إلا أن هنا ليهلك وهي آكد في النفي لأنه على مذهب الكوفيين زيدت اللام في خبر كان على سبيل التوكيد وعلى مذهب البصريين توجه النفي إلى الخبر المحذوف المتعلق به اللام تقديره مريداً الإِهلاك للقرى. قال ابن عطية: المعنى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم منه. تعالى الله عن ذلك { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } بالإِيمان به. وقال الزمخشري: وأهلها مصلحون تنزيهاً لذاته عن الظلم وإيذاناً بأن إهلاك المصلحين من الظلم. " انتهى ".

وهو مصادم للحديث: " أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث " وللآية:وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } [الأنفال: 25].

{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال الزمخشري: يعني لاضطرهم إلى أن يكون أهل ملة واحدة، وهذا كلام يتضمن نفي الاضطرار وأنه لم يقهرهم على الاتفاق على دين الحق ولكنه مكنهم من الاختيار الذي هو أساس التكليف فاختار بعضهم الحق وبعضهم الباطل فاختلفوا.

{ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } إلا أناساً هداهم الله ولطف بهم فاتفقوا على دين الحق غير مختلفين فيه.

السابقالتالي
2 3