الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } * { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { أَلاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

{ أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } الآية، أولياء الله هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة. وعن سعيد بن جبير " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: سئل عن أولياء الله فقال: هم الذين يذكرون الله برؤيتهم " ، يعني السمْت والهيئة. وهذه الآية يدل ظاهرها على أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله هذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي، وإنما نبّهنا هذا التنبيه حذراً من مذهب الصوفية وبعض الملحدين في الولي وبشراهم في الحياة الدنيا تظاهرت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو تُرى له، وبشراهم في الآخرة تلقي الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة، وما يرون من بياض وجوههم وإعطاء الصحف بإِِيمانهم، وما يقرؤون منها وغير ذلك من البشارات.

{ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } أي لا تغيير لأقواله ولا خلف في مواعيده كقوله تعالى:مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } [ق: 29].

{ وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } اما أن يكون قولهم أريد به بعض افراده وهو التكذيب والتهديد وما يتشاورون به في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون من إطلاق العام وإرادة الخاص، وإما أن يكون مما حذفت منه الصفحة المخصصة، ان قولهم الدال على تكذيبك ومعاندتك.

ثم استأنف بقوله: { إِنَّ ٱلْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } أي لا عزة لهم ولا منفعة فهم لا يقدرون لك على شىء ولا يؤذونك، ان الغلبة والقهر لله تعالى وهو القادر على الانتقام منهم فلا يعازّه شىء ولا يغالبه.

{ أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ } الآية المناسبة ظاهرة في هذه الآية لما ذكر أن العزة له تعالى وهو القهر والغلبة، ذكر ما يناسب القهر وهو كون المخلوقات له تعالى. ومن الأصل فيها ان تكون للعقلاء وهي هنا شاملة لهم ولغيرهم على حكم التغليب وحيث جيء بما كان تغليباً للكثرة إذ أكثر المخلوقات لا يعقل. والظاهر أن ما: نافية. وشركاء: مفعول يتبع، ومفعول يدعون محذوف لفهم المعنى تقديره آلهة أو شركاء، أي أن الذين جعلوهم آلهة وأشركوهم مع الله في الربوبية ليسوا شركاء حقيقة إذ الشركة في الألوهية مستحيلة وإن كانوا قد أطلقوا عليهم اسم الشركاء، وجوزوا أن تكون ما استفهامية في موضع نصب بيتبع وشركاء منصوب بيدعون، أي وأيّ شىء يتبع على تحقير المتبع، كأنه قيل: من يدعو شريكاً لله لا يتبع شيئاً، ومعنى يخرصون أي يحزرون ويقدرون.

{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ } هذا تنبيه منه تعالى على عظم قدرته وشمول نعمته لعباده فهو المستحق بأن يفرد بالعبادة.

{ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } أي مما تقاسون من الحركة والتردد في طلب المعاش وغيره بالنهار، وأضاف الابصار إلى النهار مجازاً لأن الابصار يقع فيه كما قال:

وتمت وما ليل المطى بنائم، أي يبصرون فيه مطالب معايشهم وقال: قطرب، يقال: أظلم الليل صار ذا ظلمة، وأضاء النهار وأبصر أي صار ذا ضياء وبصر.

السابقالتالي
2