{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ } الآية، الخطاب بيا أيها الناس عام، ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما ذكر الأدلة على الألوهية والوحدانية والقدرة ذكر الدلائل الدالة على صحة النبوة والطريق المؤدي إليها وهو القرآن، والمتصف بهذه الأوصاف الشريفة هو القرآن. { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } فضل الله الإِسلام والرحمة: القرآن، قاله ابن عباس. وقيل غير ذلك. والظاهر أن قوله: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا جملتان وحذف ما يتعلق به الباء، والتقدير قل بفضل الله وبرحمته ليفرحوا ثم عطفت الجملة الثانية على الأولى على سبيل التوكيد. قال الزمخشري: والتكرير للتأكيد وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا فحذف إحدى الفعلين لدلالة المذكور عليه، والفاء داخلة بمعنى الشرط كأنه قيل: ان فرحوا لشىء فليخصوهما بالفرح فإِنه لا مفروح به أحق منهما. ويجوز أن يراد بفضل الله ورحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا، ويجوز أن يراد قد جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته، فبذلك أي فبمجيئهما فليفرحوا. " انتهى ". أما إضمار فليعتنوا فلا دليل عليه واما تعليقه بقوله: قد جاءتكم، فينبغي ان يقدر ذلك محذوفاً بعد قل ولا يكون متعلقاً بجاءتكم الأولى للفصل بينهما بقل. { قُلْ أَرَأَيْتُمْ } الآية، مناسبتها لما قبلها أنه لما ذكر تعالى قل: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ }. وكان المراد بذلك كتاب الله المشتمل على التحليل والتحريم بين فساد شرائعهم وأحكامهم من الحلال والحرام من غير مستند في ذلك إلى الوحي. وأرأيتم هنا بمعنى أخبروني، وتقدم انها تتعدى لمفعولين فالأول هنا ما من قوله: ما أنزل، وهي موصولة وصلتها انزل، والضمير محذوف تقديره انزله ومن رزق تبيين لما انبهم من لفظ ما، وفجعلتم معطوف على انزل، والمفعول الثاني محذوف تقديره آلله اذن لكم وهي جملة استفهام دل على حذفها قوله: بعد أمر الله تعالى له، قيل آلله أذن لكم. وأم الظاهر أنها متصلة والمعنى أخبروني الله أذن لكم في التحليل والتحريم فانتم تفعلون ذلك بإِذنه أم تكذبون على الله في نسبة ذلك إليه، فنبه بتوقيفهم على أحد القسمين وهم لا يمكنهم ادّعاء إذن الله في ذلك فثبت افتراؤهم. { وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ } الآية، ما: استفهامية مبتدأة خبرها ظن، والمعنى أي شىء ظن المفترين يوم القيامة أبهم الأمر على سبيل التهديد والإِيعاد يوم يكون الجزاء بالإِحسان والإِساءة. ويوم: منصوب بظن ومفعول الظن، قيل: تقديره ما ظنهم ان الله فاعل بهم أينجيهم أم يعذبهم. { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ } الآية، مناسبتها لما قبلها أنه تعالى ذكر جملة من أحوال الكفار ومذاهبهم والرد عليهم ومحاولة الرسول لهم، ذكر فضله تعالى على الناس وان أثرهم لا يشكره على فضله، وذكر اطلاعه تعالى على أحوالهم وحال الرسول معهم في مجاهدته لهم وتلاوة القرآن عليهم وأنه تعالى عالم بجميع أعمالهم واستطرد من ذلك إلى ذكر أولياء الله ليظهر التفاوت بين الفريقين فريق الشيطان وفريق الرحمن.