الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } * { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } * { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ } الآية، تقدم الكلام عليها في الانعام، وقررنا هناك أن العرب تضمن أرأيت معنى أخبرني وأنها تتعدى إذ ذاك إلى مفعولين، وان المفعول الثاني اكثر ما يكون جملة استفهام ينعقد منها مع ما قبلها مبتدأ وخبر. تقول العرب: أرأيت زيداً ما صنع، المعنى أخبرني عن زيد ما صنع. وقبل دخول أرأيت كان الكلام زيد ما صنع وإذا تقرر هذا فأرأيتم هنا المفعول الأول لها محذوف والمسألة من باب الاعمال تنازع أرأيت وإن أتاكم على قوله: عذابه، فاعمل الثاني إذ هو المختار على مذهب البصريين، وهو الذي ورد به السماع أكثر من اعمال الأول فلما أعمل الثاني حذف من الأول ولم يضمر لأن إضماره مختص بالشعر أو قليل في الكلام على اختلاف النحويين في ذلك والمعنى قل لهم يا محمد أخبروني عن عذاب الله إن أتاكم أي شىء تستعجلون منه فليس شىء من العذاب يستعجله عاقل إذ العذاب كله مر المذاق موجب لنفار الطبع منه، فتكون جملة الاستفهام جاءت على سبيل التلطف بهم والتنبيه لهم ان العذاب لا ينبغي أن يستعجل. ويجوز أن تكون الجملة جاءت على سبيل التعجب والتهويل للعذاب، أي أيّ شىء شديد تستعجلون منه أي ما أشد وأهول ما تستعجلون من العذاب. وتقدم الكلام في قوله: بياتاً، في الاعراف مدلولاً وإعراباً وانتصابه وما بعده على الظرف، والمعنى إن أتاكم عذابه وأنتم ساهون غافلون اما بنوم واما باشتغال بالمعاش والكسب وهو نظير قوله: بغتة، لأن العذاب إذا فاجأ من غير شعور به كان أشد وأصعب بخلاف أن يكون قد استعد له وتهيّىءَ لحلوله ويجوز في ماذا أن تكون ما مبتدأ وذا خبره، وهو بمعنى الذي. ويستعجل صلته وحذف الضمير العائد على الموصول التقرير، أي شيء الذي يستعجله من العذاب المجرمون. ويجوز في ماذا أن يكون كله مفعولاً كانه قيل: أي شىء يستعجله من العذاب المجرمون. قال الزمخشري: فإِن قلت: يتعلق الاستفهام؟ وأين جواب الشرط؟ قلت: تعلق بأرأيتم، لأن المعنى أخبروني ماذا يستعجل منه المجرمون، وجواب الشرط محذوف وهو يندموا على الاستعجال ويعرفوا الخطأ فيه. " انتهى ". وما قدره الزمخشري غير سائغ لأنه لا يقدر الجواب إلا مما تقدمه لفظاً أو تقديراً تقول: أنت ظالم إن فعلت التقدير إن فعلت فأنت ظالم، وكذلك وانّا إن شاء الله لمهتدون التقدير إن شاء الله نَهتدِ، فالذي يسوغ ان يقدر إن أتاكم عذابه فأخبروني ماذا يستعجل. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون ماذا يستعجل جواباً للشرط كقولك: إن أتيتك ماذا تطعمني، ثم تتعلق الجملة بأرأيتم وان يكون اثم إذا ما وقع آمنتم به من بعد جواب الشرط وماذا يستعجل منه المجرمون اعتراضاً، والمعنى إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإِيمان.

السابقالتالي
2 3