الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } * { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

{ يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس } لا يغتسلون من جنابةٍ، ولا يتوضؤون من حدثٍ { فلا يقربوا المسجد الحرام } أَيْ: لا يدخلوا الحرم. مُنعوا من دخول الحرم، فالحرمُ حرامٌ على المشركين { بعد عامهم هذا } يعني: عام الفتح، فلمَّا مُنعوا من دخول الحرم قال المسلمون: إنَّهم كانوا يأتون بالميرة، فالآن تنقطع عنا المتاجر، فأنزل الله تعالى: { وإن خفتم عيلة } فقراً { فسوف يغنيكم الله من فضله } فأسلم أهل جدَّة وصنعاء وجرش، وحملوا الطَّعام إلى مكَّة، وكفاهم الله ما كانوا يتخوَّفون { إنَّ الله عليم } بما يصلحكم { حكيم } فيما حكم في المشركين، ثمَّ نزل في جهاد أهل الكتاب من اليهود والنَّصارى قوله:

{ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } يعني: كإيمان الموحِّدين وإيمانُهم غيرُ إيمانٍ إذا لم يؤمنوا بمحمد { ولا يحرِّمون ما حرم الله ورسوله } يعني: الخمر والميسر { ولا يدينون دين الحق } لا يتدينون بدين الإِسلام { حتى يعطوا الجزية } وهي ما يعطي المعاهِد على عهده { عن يد } يعطونها بأيديهم يمشون بها كارهين، ولا يجيئون بها ركباناً، ولا يرسلون بها { وهم صاغرون } ذليلون مقهورون يُجَرُّون إلى الموضع الذي تقبض منهم فيه بالعنف، حتى يؤدُّوها من يدهم.

{ وقالت اليهود عزير ابنُ الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم } ليس فيه برهانٌ ولا بيانٌ، إنَّما هو قولٌ بالفم فقط { يُضاهئون } يتشبَّهون بقول المشركين حين قالوا: الملائكة بنات الله، وقد أخبر الله عنهم. بقوله:وخرقوا له بنين وبناتٍ } { قاتلهم الله } لعنهم الله { أنى يؤفكون } كيف يُصرفون عن الحقِّ بعد وضوح الدَّليل حتى يجعلوا لله الولد، وهذا تعجيب للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.

{ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم } علماؤهم وعُبَّادهم { أرباباً } آلهةً { من دون الله } حيث أطاعوهم في تحليل ما حرَّم الله، وتحريم ما أحلَّ الله { والمسيح ابن مريم } اتخذوه ربَّاً { وما أمروا } في التَّوراة والإِنجيل { إلاَّ ليعبدوا إلهاً واحداً } وهو الذي لا إله غيره { سبحانه عمَّا يشركون } تنزيهاً له عن شركهم.

{ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم } يخمدوا دين الإِسلام بتكذيبهم { ويأبى الله إلاَّ أن يتم نوره } إلاَّ أَنْ يُظهر دينه.

{ هو الذي أرسل رسوله } محمداً { بالهدى } بالقرآن { ودين الحق } الحنيفيَّة { ليظهره على الدين كله } ليعليَه على جميع الأديان.