الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } * { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } * { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ }

{ وإذْ يعدكم الله إحدى الطائفتين } العير أو النَّفير { أنَّها لكم وتودون أنَّ غير ذات الشوكة تكون لكم } أَيْ: العير التي لا سلاح فيها تكون لكم { ويريد الله أن يحق الحق } يُظهره ويُعليَه { بكلماته } بِعِدَاتِه التي سبقت بظهور الإِسلام { ويقطع دابر الكافرين } آخر مَنْ بقي منهم. يعني: إنَّه إنَّما أمركم بحرب قريشٍ لهذا.

{ ليحقَّ الحق } أَيْ: ويقطع دابر الكافرين ليُظهر الحقَّ ويُعليَه { ويبطل الباطل } ويُهلك الكفر ويُفنيه { ولو كره المجرمون } ذلك.

{ إذ تستغيثون ربكم } تطلبون منه المعونة بالنَّصر على العدوِّ لقلَّتكم { فاستجاب لكم أني ممدُّكم بألفٍ من الملائكة مردفين } متتابعين، جاؤوا بعد المسلمين، ومَنْ فتح الدَّال أراد: بألفٍ أردف الله المسلمين بهم.

{ وما جعله الله } أَيْ: الإِرداف { إلاَّ بشرى } الآية ماضية في سورة آل عمران.

{ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه } وذلك أنَّ الله تعالى أمَّنهم أمناً غشيهم النُّعاس معه، وهذا كما كان يوم أُحدٍ، وقد ذكرنا ذلك في سورة آل عمران. { وينُزِّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } وذلك أنَّهم لمَّا بايتوا المشركين ببدرٍ أصابت جماعة منهم جنابات، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء، فوسوس إليهم الشَّيطان، وقال لهم: كيف ترجون الظَّفر وقد غلبوكم على الماء؟ وأنتم تُصلُّون مُجنِبين ومُحدِثين، وتزعمون أنَّكم أولياء الله وفيكم نبيُّه؟ فأنزل الله تعالى مطراً سال منه الوادي حتى اغتسلوا، وزالت الوسوسة، فذلك قوله: { ليطهركم به } أَيْ: من الأحداث والجنابات { ويذهب عنكم رجز الشيطان } وسوسته التي تكسب عذاب الله { وليربط } به { على قلوبكم } باليقين والنَّصر { ويثبت به الأقدام } وذلك أنَّهم كانوا قد نزلوا على كثيبٍ تغوص فيه أرجلهم، فلبَّده المطر حتى ثبتت عليه الأقدام.

{ إذ يوحي ربك إلى الملائكة } الذين أمدَّ بهم المسلمين { إني معكم } بالعون والنُّصرة { فثبتوا الذين آمنوا } بالتَّبشير بالنَّصر، وكان المَلَك يسير أمام الصَّف على صورة رجلٍ ويقول: أبشروا؛ فإنَّ الله ناصركم { سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب } الخوف من أوليائي { فاضربوا فوق الأعناق } أَيْ: الرُّؤوس { واضربوا منهم كلَّ بنان } أَيْ: الأطراف من اليدين والرِّجلين.

{ ذلك } الضَّرب { بأنهم شاقوا الله ورسوله } باينوهما وخالفوهما.

{ ذٰلكم } القتل والضَّرب ببدرٍ { فذوقوه وأنَّ للكافرين عذاب النار } بعدما نزل بهم من ضرب الأعناق.

{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً } مُجتمعين مُتدانين إليكم للقتال { فلا تولوهم الأدبار } لا تجعلوا ظهوركم ممَّا يليهم.