{ ولا تحسبنَّ الذين كفروا سبقوا } وذلك أنَّ مَنْ أفلت من حرب بدرٍ من الكفَّار خافوا أن ينزل بهم هلكة في الوقت، فلمَّا لم ينزل طغوا وبغوا، فقال الله: لا تحسبنَّهم سبقونا بسلامتهم الآن فـ { إنهم لا يعجزونـ } ـنا ولا يفوتوننا فيما يستقبلون من الأوقات. { وأعدوا لهم } أَيْ: خذوا العُدَّة لعدوِّكم { ما استطعتم من قوة } ممَّا تتقوون به على حربهم، من السِّلاح والقسي وغيرهما { ومن رباط الخيل } ممَّا يرتبط من الفرس في سبيل الله { ترهبون به } تخوِّفون به بما استطعتم { عدو الله وعدوكم } مشركي مكَّة وكفَّار العرب { وآخرين من دونهم } وهم المنافقون { لا تعلمونهم الله يعلمهم } لأنَّهم معكم يقولون: لا إله إلاَّ الله، ويغزون معكم، والمنافق يريبه عدد المسلمين { وما تنفقوا من شيء } من آلةٍ، وسلاحٍ، وصفراء، وبيضاء { في سبيل الله } طاعة الله { يوف إليكم } يخلف لكم في العاجل، ويوفَّر لكم أجره في الآخرة { وأنتم لا تظلمون } لا تنقصون من الثَّواب. { وإن جنحوا للسلم } مالوا إلى الصُّلح { فاجنح لها } فملْ إليها. يعني: المشركين واليهود، ثمَّ نسخ هذا بقوله:{ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } { وتوكَّل على الله } ثق به { إنَّه هو السميع } لقولكم { العليم } بما في قلوبكم. { وإن يريدوا أن يخدعوك } بالصُّلح لتكفَّ عنهم { فإنَّ حسبك الله } أَيْ: فالذي يتولَّى كفايتك الله { هو الذي أيدك } قوَّاك { بنصره } يوم بدرٍ { وبالمؤمنين } يعني: الأنصار. { وألف بين قلوبهم } بين قلوب الأوس والخزرج، وهم الأنصار { لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألَّفت بين قلوبهم } للعداوة التي كانت بينهم، { ولكنَّ الله ألف بينهم } لأنَّ قلوبهم بيده يُؤلِّفها كيف يشاء { إنَّه عزيز } لا يمتنع عليه شيء { حكيم } عليمٌ بما يفعله. { يا أيها النبيُّ حسبك الله... } الآية. أسلم مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ وثلاثون رجلاً، وستُّ نسوةٍ، ثمَّ أسلم عمر رضي الله عنه، فنزلت هذه الآية، والمعنى: يكفيك الله، ويكفي من اتَّبعك من المؤمنين.