الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

{ قل لا أملك لنفسي... } الآية. إنَّ أهل مكة قالوا: يا محمَّد، ألا يخبرك ربُّك بالسِّعر الرَّخيص، قبل أن يغلو، فنشتري من الرَّخيص لنربح عليه؟ وبالأرض التي تريد أن تجدب فنرتحل عنها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية، ومعنى قوله: { لا أملك لنفسي نفعاً } أي: اجتلاب نفع بأن أربح، { ولا ضرَّاً } دفع ضرٍّ بأن أرتحل من الأرض التي تريد أن تجدب { إلاَّ ما شاء الله } أن أملكه بتمليكه { ولو كنت أعلم الغيب } ما يكون قبل أن يكون { لاستكثرت من الخير } لادَّخرت في زمانِ الخِصْبِ لزمن الجدب { وما مسني السوء } وما أصابني الضرُّ والفقر { إن أنا إلاَّ نذير } لمَنْ يصدِّق ما جئت به { وبشير } لمن اتَّبعني وآمن بي.

{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة } يعني: آدم { وجعل منها زوجها } حوَّاء خلقها من ضلعه { ليسكن إليها } ليأنس بها، فيأوي إليها { فلما تغشاها } جامعها { حملت حملاً خفيفاً } يعني: النُّطفة والمنيِّ { فمرَّت به } استمرَّت بذلك الحمل الخفيف، وقامت وقعدت، ولم يُثْقِلها { فلما أثقلت } صار إلى حال الثِّقل ودنت ولادتها، { دعوا الله ربهما } آدم وحواء { لئن آتيتنا صالحاً } بشراً سويَّاً مثلنا { لنكوننَّ من الشاكرين } وذلك أنَّ إبليس أتاها في غير صورته التي عرفته، وقال لها: ما الذي في بطنك؟ قالت: ما أدري. قال: إنِّي أخاف أن يكون بهيمةً، أو كلباً أو خنزيراً، وذكرت ذلك لآدم، فلم يزالا في همٍّ من ذلك، ثمَّ أتاها وقال: إن سألتُ الله أن يجعله خلقاً سويَّاً مثلك أَتُسمِّينه عبد الحارث؟ وكان إبليس في الملائكة الحارث، ولم يزل بها حتى غرَّها، فلمَّا ولدت ولداً سويَّ الخلق سمَّته عبد الحارث، فرضي آدم.