الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } * { قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱلأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } * { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } * { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }

{ وما تنقم منا } وما تطعن علينا ولا تكره منَّا { إلاَّ أن آمنا بآيات ربنا } ما أتى به موسى من العصا واليد { ربنا أفرغ علينا صبراً } اصبب علينا الصَّبر عند الصَّلب والقطع حتى لا نرجع كفَّاراً { وتوفنا مسلمين } على دين موسى، ثمَّ أغرى الملأ من قوم فرعون بموسى فقالوا:

{ أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض } ليدعوا النَّاس إلى مخالفتك وعبادة غيرك { ويذرك وآلهتك } وذلك أنَّ فرعون كان قد صنع لقومه أصناماً صغاراً، وأمرهم بعبادتها وقال: أنا ربُّكم وربُّ هذه الأصنام، فذلك قوله: { أنا ربُّكم الأعلى } ، فقال فرعون: { سنقتل أَبْناءَهم } وكان قد ترك قتل أبناء بني إسرائيل، فلمَّا كان من أمر موسى ما كان أعاد عليهم القتل، فذلك قوله: { سنقتل أبناءهم ونَسْتَحْيِيَ نساءهم } للمهنة والخدمة { وإنا فوقهم قاهرون } وإنَّا على ذلك قادرون، فشكا بنو إسرائيل إلى موسى إعادة القتل على أبنائهم، فقال لهم موسى:

{ استعينوا بالله واصبروا } على ما يُفعل بكم { إنَّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده } أطمعهم موسى أن يعطيهم الله ملكهم ومالهم { والعاقبة للمتقين } أَيْ: الجنَّة لمن اتَّقى. وقيل: النَّصر والظَّفر.

{ قالوا أوذينا } بالقتل الأوَّل { من قبل أن تأتينا } بالرِّسالة { ومن بعد ما جئتنا } بإعادة القتل علينا، والإِتعاب في العمل { قال: عسى ربكم أن يهلك عدوكم } فرعون وقومه { ويستخلفكم في الأرض } يُملِّككم ما كان يملك فرعون { فينظر كيف تعملون } فيرى ذلك لوقوع ذلك منكم.

{ ولقد آخذنا آل فرعون بالسنين } بالجدوب لأهل البوادي { ونقص من الثمرات } لأهل القرى، [وصرَّفنا الآيات: بيَّناها لهم من كلِّ نوعٍ] { لعلهم يذكرون } كي يتَّعظوا.

{ فإذا جاءتهم الحسنة } الخصب وسعة الرِّزق { قالوا لنا هذه } أَيْ: إنَّا مستحقُّوه على العادة التي جرت لنا من النِّعمة، ولم يعلموا أنَّه من الله فيشكروا عليه { وإن تصبهم سيئة } قحط وجدب { يطيروا } يتشاءموا { بموسى } وقومه، وقالوا: إنَّما أصابنا هذا الشرُّ بشؤمهم { ألا إنَّما طائرهم عند الله } شؤمهم جاءهم بكفرهم بالله { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أنَّ الذي أصابهم من الله.

{ وقالوا } لموسى: { مهما تأتنا به } أَيْ: متى ما تأتنا به { من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين } فدعا عليهم موسى، فأرسل الله عليهم السَّماء بالماء حتى امتلأت بيوت القِبْطِ ماءً، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة.