الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } * { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } * { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ } * { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وما أرسلنا من قرية } في مدينةٍ { من نبي } فكذَّبه أهلها { إلاَّ أخذنا } هم { بالبأساء والضراء } بالفقر والجوع { لعلهم يضَّرَّعون } كي يستكينوا ويرجعوا.

{ ثمَّ بدلنا مكان السيئة الحسنة } بدل البؤسِ والمرضِ الغنى والصحَّة { حتى عفوا } كثروا وسمنوا، وسمنت أموالهم { وقالوا } من غِرَّتهم وجهلهم: { قد مسَّ آباءنا الضراء والسراء } قد أصاب آباءنا في الدَّهر مثل ما أصابنا، وتلك عادة الدَّهر، ولم يكن ما مسَّنا عقوبة من الله، فكونوا على ما أنتم عليه، فلمَّا فسدوا على الأمرين جميعاً أخذهم الله بغتة { وهم لا يشعرون } بنزول العذاب، وهذا تخويفٌ لمشركي قريش.

{ ولو أنَّ أهل القرى آمنوا } وحَّدوا الله { واتقوا } الشِّرك { لفتحنا عليهم بركات من السماء } بالمطر { و } من { الأرض } بالنَّبات والثِّمار { ولكن كذبوا } الرُّسل { فأخذناهم } بالجدوبة والقحط { بما كانوا يكسبون } من الكفر والمعصية.

{ أفأمن أهل القرى } يعني: أهل مكَّة وما حولها، ومعنى هذه الآية وما بعدها: أنَّه لا يجوز لهم أن يأمنوا ليلاً ولا نهاراً بعد تكذيب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وقوله:

{ وهم يلعبون } أَيْ: وهم في غير ما يُجدي عليهم.

{ أفأمنوا مكر الله } عذاب الله أن يأتيهم بغتةً.

{ أَوَلَمْ يهد } يتبيَّن { للذين يرثون الأرض من بعد أهلها } كفار مكَّة ومَنْ حولهم { أن لو نشاء أصبناهم } عذَّبناهم { بذنوبهم } ثمَّ { نطبع على قلوبهم } حتى يموتوا على الكفر، فيدخلوا النَّار، والمعنى: ألم يعلموا أنَّا لو نشاء فعلنا ذلك.

{ تلك القرى } التي أهلكتُ أهلها { نقص عليك من أنبائها } نتلو عليك من أخبارها، كيف أُهلكت { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } يعني: الذين أُرسلوا إليهم { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } فما كان أولئك الكفَّار ليؤمنوا عند إرسال الرُّسل بما كذَّبوا يوم أخذ ميثاقهم، فأقرُّوا بلسانهم وأضمروا التَّكذيب { كذلك } أَيْ: مثل ذلك الذي طبع الله على قلوب كفَّار الأمم { يطبع الله على قلوب الكافرين } الذين كتب عليهم ألاَّ يؤمنوا أبداً.

{ وما وجدنا لأكثرهم من عهد } يعني: الوفاء بالعهد الذي عاهدهم يوم الميثاق.

{ ثم بعثنا من بعدهم } الأنبياء الذين جرى ذكرهم { موسى بآياتنا إلى فرعون ومَلَئِهِ فظلموا بها } فجحدوا بها وكذَّبوا { فانظر } بعين قلبك { كيف كان } عاقبتهم، وكيف فعلنا بهم.