{ إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم }. { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات... } الآية. نزلت بعد صلح الحديبية، وكان الصُّلح قد وقع على أن يردَّ إلى أهل مكَّة مَنْ جاء من المؤمنين منهم، فأنزل الله في النِّساء إذا جئن مهاجراتٍ أَنْ يُمتحنَّ، وهو وقوله: { فامتحنوهن } وهو أنّْ تُستحلف ما خرجت بُغضاً لزوجها، ولا عشقاً لرجلٍ من المسلمين، وما خرجت إلاَّ رغبةً في الإسلام، فإذا حلفت لم تردَّ إلى الكفَّار، وهو قوله: { فإن علمتموهنَّ مؤمنات فلا ترجعوهنَّ إلى الكفار } لأنَّ المسلمةَ لا تحلُّ للكافر، وقوله: { وآتوهم } يعني: أزواجهم الكفَّار ما أنفقوا عليهنَّ من المهر { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا ءاتيتموهنَّ أجورهنَّ } أي: مهورهنَّ وإن كان لهنَّ أزواجٌ كفَّارٌ، [في دار الإِسلام]، لأنَّ الإِسلام أبطل تلك الزَّوجية، { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } أَيْ: لا تمسكوا بنكاحهنَّ؛ فإنَّ العصمة لا تبقى بين المشركة والمؤمن، والمعنى: إن لحقت بالمشركين واحدةٌ من نسائكم فلا تتمسكوا بنكاحها { واسألوا ما أنفقتم } عليهنَّ من المهر مَنْ يتزوجهنَّ من الكفَّار { وليسألوا } يعني: المشركين { ما أنفقوا } من المهر، فلمَّا نزلت هذه الآية أدَّى المؤمنون ما أُمروا به من نفقات المشركين على نسائهم، وأبى المشركون ذلك، فنزلت: { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار } أَيْ: إنْ لحقتْ واحدةٌ من نسائكم مرتدَّةً بالكفَّار { فعاقبتم } فغزوتموهم وكانت العقبى لكم { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم } إلى الكفَّار { مثل ما أنفقوا } عليهنَّ من الغنائم، ثمَّ نزل في بيعة النِّساء: { يا أيها النبيُّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنَّ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن } أَيْ: لا يأتين بولدٍ ينسبنه إلى الزَّوج؛ فإن ذلك بهتانٌ وفِريةٌ { ولا يعصينك في معروف } أيْ: فيما وافق طاعة الله تعالى { فبايعهنَّ } أمره أن يُبايعهنَّ على الشَّرائط التي ذكرها في هذه الآية، ثمَّ نهى المؤمنين عن موالاة اليهود، فقال: { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة } أن يكون لهم فيها ثوابٌ { كما يئس الكفار } الذين لا يوقنون بالبعث { من أصحاب القبور } أن يُبعثوا. وقيل: كما يئس الكفَّار الذين في القبور مَنْ أَنْ يكون لهم في الآخرة خيرٌ.