{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً } نزلت في مسيلمة والأسود العنسي؛ ادَّعيا النُّبوَّة، وأنَّ الله أوحى إليهما، وهذا معنى قوله: { أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومَنْ قال سأنزل مثل ما أنزل الله } يعني: المستهزئين الذين قالوا:{ لو نشاء لقلنا مثل هذا } { ولو ترى } يا محمد { إذ الظالمون } يعني: الذين ذكرهم { في غمرات الموت } شدائده، وأهواله { والملائكة باسطوا أيديهم } إليهم بالضَّرب والتَّعذيب { أخرجوا أنفسكم } أَيْ: يقولون ذلك ونفس الكافر تخرج بمشقةٍ وكُرهٍ، لأنَّها تصير إلى أشدِّ العذاب، والملائكة يكرهونهم على نزع الرُّوح، ويقولون: { أخرجوا أنفسكم } كرهاً { اليوم تجزون عذاب الهون } أَي: العذاب الذي يقع به الهوان الشَّديد { بما كنتم تقولون على الله غير الحق } من أنَّه أوحي إليكم ولم يوح { وكنتم عن آياته تستكبرون } عن الإِيمان بها تتعظَّمون. { ولقد جئتمونا فرادى } يقال للكفَّار في الآخرة: جئتمونا فرادى بلا أهل، ولا مالٍ، ولا شيءٍ قدَّمتموه { كما خلقناكم أوَّل مرَّة } كما خرجتم من بطون أُمَّهاتكم { وتركتم ما خوَّلناكم } ملَّكناكم وأعطيناكم من المال والعبيد والمواشي { وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنَّهم فيكم شركاء } وذلك أنَّ المشركين كانوا يعبدون الأصنام على أنَّهم شركاء الله وشفعاؤهم عنده { لقد تقطع بينكم } وصلكم ومودتكم { وضلَّ عنكم } ذهب عنكم { ما كنتم تزعمون } تُكذِّبون في الدُّنيا. { إنَّ الله فالق الحبّ } شاقُّة بالنَّبات { والنوى } بالنَّخلة { يخرج الحي من الميت } يخرج النُّطفة بشراً حيّاً { ومُخرج الميت } النُّطفة { من الحيّ } وقيل: يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن { ذلكم الله } الذي فعل هذه الأشياء التي تشاهدونها ربكم { فأنى تؤفكون } فمن أين تُصرفون عن الحقِّ بعد البيان!. { فالق الإِصباح } شاقُّ عمود الصُّبح عن ظلمة اللَّيل وسواده، على معنى أنَّه خالقه ومُبديه { وجاعل الليل سكناً } للخلق يسكنون فيه سكون الرَّاحة { والشمس والقمر حسباناً } وجعل الشَّمس والقمر بحسبانٍ لا يجاوزانه فيما يدوران في حسابٍ { ذلك تقدير العزيز } في ملكه يصنع ما أراد { العليم } بما قدَّر من خلقهما.