{ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } كالصَّيحة، والحجارة، والماء { أو من تحت أرجلكم } كالخسف والزَّلزلة { أو يلبسكم شيعاً } يخلطكم فرقاً بأن يبثَّ فيكم الأهواء المختلفة، فتخالفون وتقاتلون، وهو معنى قوله: { ويذيق بعضكم بأس بعض. انظر كيف نصرِّف } نُبيِّن لهم { الآيات } في القرآن { لعلهم يفقهون } لكي يعلموا. { وكذَّب به } بالقرآن { قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل } [بمسلَّط] أَيْ: إنَّما أدعوكم إلى الله، ولم أُومر بحربكم، ولا أَخْذكم بالإِيمان، وهذا منسوخٌ بآية القتال. { لكلِّ نبأ مستقر } لكلِّ خبرٍ يخبره الله وقتٌ ومكانٌ يقع فيه من غير خلف { وسوف تعلمون } ما كان منه في الدُّنيا فستعرفونه، وما كان منه في الآخرة فسوف يبدو لكم. يعني: العذاب الذي كان يعدهم في الدُّنيا والآخرة. { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا } بالتَّكذيب والاستهزاء { فأعرض عنهم } أمر الله تعالى رسوله عليه السَّلام فقال: إذا رأيت المشركين يُكذِّبون بالقرآن، وبك، ويستهزئون فاترك مجالستهم { حتى يخوضوا في حديث غيره } حتى يكون خوضهم في غير القرآن { وإمَّا ينسينَّك الشيطان } إنْ نسيت فقعدت { فلا تقعد بعد الذكرى } فقم إذا ذكرت، فقال المسلمون: لئن كنَّا كلَّما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، وأن نطوف بالبيت، فرخَّص للمؤمنين في القعود معهم يُذكِّرونهم فقال: { وما على الذين يتقون } الشِّرك والكبائر { من حسابهم } آثامهم { من شيء ولكن ذكرى } يقول: ذكِّروهم بالقرآن وبمحمَّد، فرخَّص لهم بالقعود بشرط التَّذكير والموعظة { لعلَّهم يتقون } لِيُرجى منهم التَّقوى.