الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } * { قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ ٱلْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ } * { قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ } * { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ }

{ وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا } يعني: الصَّحابة وهؤلاء الفقراء { فقل سلام عليكم } [سلّم عليهم] بتحيَّة المسلمين { كتب ربكم على نفسه الرحمة } أوجب الله لكم الرَّحمة إيجاباً مُؤكَّداً { أنه من عمل منكم سوءاً بجالهة } يريد: إنَّ ذنوبكم جهلٌ ليس بكفرٍ ولا جحود، لأنَّ العاصي جاهلٌ بمقدار العذاب في معصيته { ثم تاب من بعده } رجع عن ذنبه { وأصلح } عمله { فأنَّه غفور رحيم }.

{ وكذلك } وكما بينَّا لك في هذه السُّورة دلائلنا على المشركين { نفصل } نبيِّن لك حجَّتنا وأدلتنا، ليظهر الحقُّ ولتعرف يا محمد سبيل المجرمين في شركهم بالله في الدُّنيا، وما يصيرون إليه من الخزي يوم القيامة بإخباري إيَّاك.

{ قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله } الأصنام التي يعبدونها من دون الله { قل لا أتبع أهواءكم } أَيْ: إنَّما عبدتموها على طريق الهوى لا على طريق البرهان، فلا أتَّبعكم على هواكم { قد ضللت إذاً } إنْ أنا فعلت ذلك { وما أنا من المهتدين } الذين سلكوا سبيل الهدى.

{ قل إني على بينة } يقينٍ وأمرٍ بيِّنٍ { من ربي } لا مُتَّبع لهوىً { وكذبتم به } أَيْ: بربِّي { ما عندي ما تستعجلون به } يعني: العذاب أو الآيات التي اقترحتموها، ثمَّ أعلم أنَّ ذلك عنده، فقال: { إن الحكم إلاَّ لله يقص الحق } أَيْ: يقول [القصص] الحقّ. ومَنْ قرأ: { يقضي الحق } فمعناه: يقضي القضاء الحق { وهو خير الفاصلين } الذين يفصلون بين الحقِّ والباطل.

{ قل لو أنَّ عندي ما تستعجلون به } من العذاب لعجَّلت لكم، ولا نفصل ما بيني وبينكم بتعجيل العقوبة، وهو معنى قوله: { لَقُضِيَ الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين } هو أعلم بوقت عقوبتهم، فهو يؤخِّرهم إلى وقته، وأنا لا أعلم ذلك. قوله:

{ وعنده مفاتح الغيب } خزائن ما غاب عن بني آدم من الرِّزق، والمطر، ونزول العذاب، والثَّواب، والعقاب { لا يعلمها إلاَّ هو ويعلم ما في البر } القفار { والبحر } كلُّ قرية فيها ماءٌ؛ لا يحدث فيهما شيء إلاَّ بعلم الله { وما تسقط من ورقة إلاَّ يعلمها } ساقطة، وقبل أنْ سقطت { ولا حبة في ظلمات الأرض } في الثرى تحت الأرض { ولا رطب } وهو ما ينبت { ولا يابس } وهو ما لا ينبت { إلاَّ في كتاب مبين } أثبت الله ذلك كلَّه في كتابٍ قبل أن يخلق الخلق.