الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ }

{ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون } في العلانيَة: إنَّك كذَّابٌ ومُفترٍ { فإنهم لا يكذبونك } في السرِّ قد علموا صدقك { ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } بالقرآن بعد المعرفة. نزلت في المعاندين الذين تركوا الانقياد للحقِّ، كما قال عزَّ وجلَّ:وجحدوا بها واستيقنَتْها أنفسهم... } الآية.

{ ولقد كذِّبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كُذِّبوا } رجاء ثوابي { وأوذوا } حتى نشروا بالمناشير، وحرِّقوا بالنَّار { حتى أتاهم نصرنا } معونتنا إيَّاهم بإهلاكِ مَنْ كذَّبهم { ولا مبدل لكلمات الله } لا ناقِضَ لحكمه، وقد حكم بنصر الأنبياء في قوله:كتب الله لأغلبنَّ أنا ورسلي } { ولقد جاءك من نبأ المرسلين } أَيْ: خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ودَمَّرنا قومهم.

{ وإن كان كبر } عَظُمَ وثَقُل { عليك إعراضهم } عن الإيمان بك وبالقرآن، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحرص على إيمان قومه، فكانوا إذا سألوه آيةً أحبًّ أن يريهم ذلك طمعاً في إيمانهم، فقال الله عزَّ وجلَّ: { فإن استطعت أن تبتغي } تطلب { نفقاً } سرباً { في الأرض أو سلماً } مصعداً { في السماء فتأتيهم بآية } فافعل ذلك، والمعنى: أنَّك بشرٌ لا تقدر على الإِتيان بالآيات، فلا سبيل لك إلاَّ الصَّبر حتى يحكم الله { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } أَيْ: إنَّما تركوا الإِيمان لسابق قضائي فيهم، لو شئت لاجتمعوا على الإِيمان { فلا تكوننَّ من الجاهلين } بأنّه يؤمن بك بعضهم دون بعض، وأنَّهم لا يجتمعون على الهدى، وغلَّظ الجواب زجراً لهم عن هذه الحال.