الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ } * { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } * { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } * { وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ } * { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَٰمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه } عند الذَّبح { وقد فصَّل } بيَّن { لكم ما حرَّم عليكم } في قوله:حُرِّمت عليكم الميتة... } الآية. { إلاَّ ما اضطررتم إليه } دعتكم الضَّرورة إلى أكله ممَّا لا يحلُّ عند الاختيار { وإنَّ كثيراً ليضلون بأهوائهم } أَيْ: الذين يُحلُّون الميتة، ويناظرونكم في إحلالها ضلُّوا باتِّباع أهوائهم { بغير علمٍ } إنَّما يتَّبعون فيه الهوى، ولا بصيرة عندهم ولا علم { إنَّ ربك هو أعلم بالمعتدين } المتجاوزين الحلال إلى الحرام.

{ وذروا ظاهر الإِثم وباطنه } سرَّه وعلانيته، ثمَّ أوعد بالجزاء فقال: { إن الذين يكسبون الإِثم سيجزون بما كانوا يقترفون }.

{ ولا تأكلوا ممَّا لم يذكر اسم الله عليه } ممَّا لم يُذَكَّ ومات { وإنه } وإنَّ أكله { لفسقٌ } خروجٌ عن الحقِّ { وإنَّ الشياطين } يعني: إبليس وجنوده وسوسوا { إلى أوليائهم } من المشركين ليخاصموا محمداً وأصحابه في أكل الميتة { وإن أطعتموهم } في استحلال الميتة { إنكم لمشركون } لأنَّ مَنْ أحلَّ شيئاً ممَّا حرَّمه الله فهو مشركٌ.

{ أَوْ مَنْ كان ميتاً فأحييناه } ضالاًّ كافراً فهديناه { وجعلنا له نوراً } ديناً وإيماناً { يمشي به في الناس } مع المسلمين مُستضيئاً بما قذف الله في قلبه من نور الحكمة والإِيمان { كمَنْ مثله } كمَن هو { في الظلمات } في ظلمات الكفر والضَّلالة { ليس بخارجٍ منها } ليس بمؤمن أبداً. نزلت في أبي جهلٍ وحمزة بن عبد المطلب { كذلك } كما زُيِّن للمؤمنين الإِيمان { زين للكافرين ما كانوا يعملون } من عبادة الأصنام.

{ وكذلك جعلنا في كلِّ قرية أكابر مجرميها } يعني: كما أنَّ فسَّاق مكَّة أكابرها، كذلك جعلنا فسَّاق كلِّ قرية أكابرها. يعني: رؤساءَها ومترفيها { ليمكروا فيها } بصدِّ النَّاس عن الإِيمان { وما يمكرون إلاَّ بأنفسهم } لأنَّ وبال مكرهم يعود عليهم { وما يشعرون } أنَّهم يمكرون بها.

{ وإذا جاءتهم آية } ممَّا أطلع الله عليه نبيَّه عليه السَّلام ممَّا يخبرهم به { قالوا: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله } حتى يوحى إلينا ويأتينا جبريل فنصدِّق [به]، وذلك أنَّ كلَّ واحدٍ من القوم سأل أن يُخصَّ بالوحي، كما قال الله:بل يريد كلُّ امرىءٍ منهم أَنْ يُؤتى صحفاً مُنشَّرة } فقال الله سبحانه: { الله أعلم حيث يجعل رسالته } يعني: أنَّهم ليسوا بأهل لها، هو أعلم بمَنْ يختصُّ بالرِّسالة { سيصيب الذين أجرموا صغار } مذلَّةٌ وهوانٌ { عند الله } أَيْ: ثابت لهم عند الله ذلك.

{ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإِسلام } يوسِّعْ قلبه ويفتحه ليقبل الإِسلام { ومن يرد أن يضلَّه يجعل صدره ضيقاً حرجاً } شديد الضِّيق { كأنما يصَّعد في السماء } إذا كُلَّف الإِيمان لشدَّته وثقله عليه { كذلك } مثل ما قصصنا عليك { يجعل الله الرجس } العذاب { على الذين لا يؤمنون }.