الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } * { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } * { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } * { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } * { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ }

{ إنما وليكم الله ورسوله } نزلت لمَّا هجر اليهود مَنْ أسلم منهم، فقال عبد الله بن سلام: يا رسول الله، إنَّ قومنا قد هجرونا، وأقسموا ألا يجالسونا، فنزلت هذه الآية، فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء، وقوله: { وهم راكعون } يعني: صلاة التَّطوع.

{ ومن يَتَوَلَّ الله ورسوله } يتولَّى القيام بطاعته ونصرة رسوله والمؤمنين { فإنَّ حزب الله } جند الله وأنصار دينه { هم الغالبون } غلبوا اليهود فأجلوهم من ديارهم، وبقي عبد الله بن سلام وأصحابه الذين تولَّوا اللَّهَ ورسوله.

{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا... } الآية. نزلت في رجالٍ كانوا يوادُّون منافقي اليهود، ومعنى قوله: { اتَّخذوا دينكم هزواً ولعباً } إظهارهم ذلك باللِّسان، واستبطانهم الكفر تلاعباً واستهزاءً { والكفار } يعني: مشركي العرب وكفَّار مكَّة { واتقوا الله } فلا تتَّخذوا منهم أولياء { إن كنتم مؤمنين } بوعده ووعيده.

{ وإذا ناديتم إلى الصلاة } دعوتم النَّاس إليها بالأذان { اتخذوها هزواً ولعباً } تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السُّخف والمجون تجهيلاً لأهلها { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } ما لهم في إجابتها لو أجابوا إليها، وما عليهم في استهزائهم بها.

{ قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا... } الآية. [أي: هل تنكرون وتكرهون]. " أتي نفرٌ من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عمَّن يُؤمن به من الرُّسل؟ فقال: " أؤمنُ بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرِّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون " " ، فلمَّا ذكر عيسى جحدوا نبوَّته، وقالوا: ما نعلم ديناً شرَّاً من دينكم، فأنزل الله تعالى: { هل تنقمون } أَي: هل تكرهون وتنكرون منا إلاَّ إيماننا وفسقكم، أَيْ: إنَّما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أننا على حقٍّ، لأنَّكم قد فسقتم، بأن أقمتم على دينكم لمحبَّتكم الرِّئاسة، وكسبكم بها الأموال، وتقدير قوله: { وأنًّ أكثركم فاسقون } ولأنَّ أكثركم، والواو زائدةٌ، والمعنى: لفسقكم نقمتم علينا الإِيمان، قوله:

{ قل هل أنبئكم } أخبركم، جوابٌ لقول اليهود: ما نعرف أهل دين شراً منكم، فقال الله: { هل أنبئكم } أخبركم { بشرٍّ من } ذلكم المسلمين الذين طعنتم عليهم { مثوبة } جزاءً وثواباً { عند الله؟ مَنْ لعنه الله } أَيْ: هو مَنْ لعنه الله: أبعده عن رحمته { وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير } يعني: أصحاب السَّبت { وعبد الطاغوت } [نسقٌ على { لعنه الله } وعبد الطاغوت:] أطاع الشَّيطان فيما سوَّله له. { أولئك شر مكاناً } لأنَّ مكانهم سَقَر { وأضل عن سواء السبيل } قصد الطَّريق، وهو دين الحنيفيَّة، فلمَّا نزلت هذه الآية عيَّر المسلمون اليهود، وقالوا: يا إخوان القردة والخنازير، فسكتوا وافتضحوا.

{ وإذا جاؤوكم قالوا آمنا } يعني: منافقي اليهود { وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به } أَيْ: دخلوا وخرجوا كافرين، والكفر معهم في كِلْتي حالهم.