{ حرِّمت عليكم الميتة } سبق تفسير هذه الاية في سورة البقرة، إلى قوله: { والمنخنقة } وهي التي تختنق فتموت بأيِّ وجهٍ كان { والموقوذة } المقتولة ضرباً { والمتردية } التي تقع من أعلى إلى أسفل فتموت { والنطيحة } التي قُتلت نطحاً { ما أكل } منه { السبع } فالباقي منه حرامٌ، ثمَّ استثنى ما يُدرك ذكاته من جميع هذه المحرَّمات فقال: { إلا ما ذكيتم } أَيْ: إلاَّ ما ذبحتم { وما ذبح على النصب } أَيْ: على اسم الأصنام فهو حرام { وأن تستقسموا بالأزلام } تطلبوا على ما قُسم لكم من الخير والشَّرِّ من الأزلام: القداح التي كان أهل الجاهليَّة يُجيلونها إذا أرادوا أمراً { ذٰلكم } أَيْ: الاستقسامُ من الأزلام { فسق } خروجٌ عن الحلال إلى الحرام { اليوم } يعني: يوم عرفة عام حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح، { يئس الذين كفروا } أن ترتدُّوا راجعين إلى دينهم { فلا تخشوهم } في مظاهرة محمد، واتِّباع دينه { واخشون } في عبادة الأوثان { اليوم } يعني: يوم عرفة { أكملتُ لكم دينكم } أحكام دينكم، فلم ينزل بعد هذه الآية حلالٌ ولا حرامٌ { وأتممت عليكم نعمتي } يعني: بدخول مكَّة آمنين كما وعدتكم { فمن اضطر } إلى ما حُرِّم ممَّا ذُكر في هذه الآية { في مخمصة } مجاعةٍ { غير متجانفٍ لإِثم } غير متعرِّضٍ لمعصيةٍ، وهو أن يأكل فوق الشِّبع، أو يكون عاصياً بسفره { فإنَّ الله غفورٌ } له ما أكل ممَّا حرَّم عليه { رحيم } بأوليائه حيث رخَّص لهم. { يسألونك ماذا أحلَّ لهم } سأل عديُّ بن حاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّا نصيد بالكلاب والبُزاة، وقد حرَّم الله الميتة، فماذا يحلُّ لنا منها؟ فنزلت هذه الآية. { قل أحلَّ لكم الطيبات } يعين: ما تستطيبه العرب، وهذا هو الأصل في التَّحليل، فكلُّ حيوانٍ استطابته العرب، كالضِّباب، واليرابيع، والأرانب فهو حلال، وما استخبثته العرب فهو حرام { وما علَّمتم } يعني: وصيد ما علَّمتم { من الجوارح } وهي الكواسب من الطَّير والكلاب والسِّباع { مكلِّبين } مُعلِّمين إيَّاها الصَّيد { تعلمونهن مما علمكم الله } تؤدبوهنَّ لطلب الصَّيد { فكلوا ممَّا أمسكن عليكم } هذه الجوارح وإنْ قتلن إذا لم يأكلن منه، فإذا أكلن فالظَّاهر أنَّه حرام { واذكروا اسم الله عليه } عند إرسال الجوارح. { اليوم أحلَّ لكم الطيبات } التي سألتم عنها { وطعام الذين أوتوا الكتاب } وهو اسمٌ لجميع ما يؤكل { حلٌّ لكم وطعامكم حل لهم } أَيْ: حلٌّ لكم أن تطعموهم { والمحصنات } العفائف { من المؤمنات والمحصنات } الحرائر { من الذين أوتوا الكتاب } من أهل الكتاب { إذا آتيتموهنَّ أجورهنَّ } يعني: مهورهنَّ { محصنين } مُتزوِّجين { غير مسافحين } معالنين بالزِّنا { ولا متخذي أخذان } مُسرّين بالزِّنا بهنَّ { ومَنْ يكفر بالإِيمان } بالله الذي يجب الإِيمان به { فقد حبط عمله } إذا مات على ذلك { وهو في الآخرة من الخاسرين } ممَّنْ خسر الثَّواب.