الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } * { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }

{ واتل عليهم } يعني: على قومك { نبأ } خبر { ابني آدم } هابيل وقابيل { إذ قرَّبا قرباناً } تقرَّب إلى الله هابيل بخيرِ كبشٍ في غنمه، فنزلت من السَّماء نارٌ فاحتملته، فهو الكبش الذي فُدي به إسماعيل، وتقرَّب إلى الله قابيل بأردأ ما كان عنده من القمح، وكان صاحب زرع، فلم تحمل النَّار قربانه، والقربان: اسمٌ لكلِّ ما يُتقرَّب به إلى الله، فقال الذي لم يُتقبَّلْْ منه: { لأقتلنك } حسداً له، فقال هابيل: { إنما يتقبل الله من المتقين } للمعاصي [لا من العاصين].

{ لئن بَسَطتَ إليَّ يدك } لئن بدأتني بالقتل فما أنا بالذي أبدؤك بالقتل { إني أخاف الله } في قتلك.

{ إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك } أَنْ تحتمل إثم قتلي وإثم الذي كان منك قبل قتلي.

{ فَطَوَّعَتْ له نفسه قتل أخيه } سهَّلته وزيَّنت له ذلك { فقتله فأصبح من الخاسرين } خسر دنياه بإسخاط والديه، وآخرته بسخط الله عليه، فلمَّا قتله لم يدرِ ما يصنع به؛ لأنَّه كان أوَّل ميِّت على وجه الأرض من بني آدم، فحمله في جرابٍ على ظهره.

{ فبعث الله غراباً يبحث في الأرض } يثير التُّراب من الأرض على غرابٍ ميِّتٍ { ليريه كيف يواري } يستر { سوءة } جيفة { أخيه } فلمَّا رأى ذلك قال: { يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فَأُوَارِيَ سوءة أخي فأصبح من النادمين } على حمله والتَّطوف به.

{ من أجل ذلك } من سبب ذلك الذي فعل قابيل { كتبنا } فرضنا { على بني إسرائيل أنَّه مَنْ قتل نفساً بغير نفسٍ } بغير قَوَدٍ { أو فسادٍ } شركٍ { في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً } يُقتل كما لو قتلهم جميعاً، ويصلى النَّار كما يصلاها لو قتلهم { ومَن أحياها } حرَّمها وتورَّع عن قتلها { فكأنما أحيا الناس جميعاً } لسلامتهم منه؛ لأنَّه لا يستحلُّ دماءهم { ولقد جاءتهم } يعني: بني إسرائيل { رسلنا بالبينات } بأنَّ لهم صدق ما جاؤوهم به { ثم إنَّ كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون } أَيْ: مجاوزون حدَّ الحقِّ.