{ يا أهل الكتاب } يعني: اليهود والنَّصارى { قد جاءكم رسولنا } محمَّد { يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب } تكتمون ممَّا في التَّوراة والإِنجيل، كآية الرَّجم، وصفة محمَّد عليه السَّلام { ويعفو عن كثير } يتجاوز عن كثير فلا يخبركم بكتمانه { قد جاءكم من الله نور } يعني: النبيَّ { وكتاب مبين } القرآن فيه بيانٌ لكلِّ ما تختلفون فيه. { يهدي به الله } يعني: بالكتاب المبين { مَنِ اتبع رضوانه } اتَّبع ما رضيه الله من تصديق محمَّد عليه السَّلام { سُبُل السلام } طرق السَّلامة التي مَنْ سلكها سلم في دينه { ويخرجهم من الظُّلمات } الكفر { إلى النور } الإِيمان { بإذنه } بتوفيقه وإرادته { ويهديهم إلى صراط مستقيم } وهو الإِسلام. { لقد كفر الذين قالوا إنَّ الله هو المسيح ابن مريم } يعني: الذين اتَّخذوه إِلهاً { قل فمن يملك من الله شيئاً } فمَنْ يقدر أن يدفع من عذاب الله شيئاً { إن أراد أن يهلك المسيح } أَيْ: يُعذِّبه، ولو كان إلهاً لقدر على دفع ذلك. { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه } أَمَّا اليهود فإنّهم قالوا: إنَّ الله من حِنَّتِهِ وعطفه علينا كالأب الشفيق، وأمَّا النَّصارى فإنَّهم تأوَّلوا قول عيسى: إذا صلَّيتم فقولوا: يا أبانا الذي في السَّماء تقدَّس اسمه، وأراد أنَّه في برِّه ورحمته بعباده الصالحين كالأب الرحيم. وقيل: أرادوا نحن أبناء رسل الله، وإنما قالوا هذا حين حذَّرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عقوبة الله، فقال الله: { قل فلمَ يعذِّبكم بذنوبكم } أَيْ: فلمَ عذَّب مَنْ قبلكم بذنوبهم، كأصحاب السَّبت وغيرهم { بل أنتم بشرٌ ممَّن خلق } كسائر بني آدم { يغفر لمن يشاء } لَمنْ تاب من اليهودية { ويعذب من يشاء } مَنْ مات عليها، وقوله: { على فترة من الرسل } على انقطاع من الأنبياء { أن تقولوا } لئلا تقولوا { ما جاءنا من بشير ولا نذير } وقوله: { وجعلكم ملوكاً } أَيْ: جعل لكم الخدم والحشم، وهم أوَّل مَن ملك الخدم والحشم من بني آدم { وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين } من فلق البحر لكم، وإغراق عدوِّكم، والمنِّ والسَّلوى، وغير ذلك.