الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } * { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } * { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } * { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً }

{ أفلا يتدبرون القرآن } أَي: المنافقون، [أفلا] يتأمَّلون ويتفكرون فيه { ولو كان } القرآن { من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } بالتَّناقض والكذب، والباطل، وتفاوت الألفاظ.

{ وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن... } الآية. نزلت في أصحاب الأراجيف، وهم قومٌ من المنافقين كانوا يُرجفون بسرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُخبرون بما وقع بها قبل أن يُخبرَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَيُضعفون قلوب المؤمنين بذلك، ويُؤذون النبيَّ عليه السَّلام بسبقهم إيَّاه بالإِخبار، وقوله: { أمرٌ من الأمن } حديثٌ فيه أمنٌ { أو الخوف } يعني: الهزيمة { أذاعوا به } أَيْ: أفشوه { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم } ولو سكتوا عنه حتى يكون الرَّسول هو الذي يُفشيه، وأولوا الأمر مثل أبي بكر وعمر وعليٍّ رضي الله عنهم. وقيل: أمراء السَّرايا { لعلمه الذين يستنبطونه } يتبعونه ويطلبون علمَ ذلك. { منهم } من الرسول وأولي الأمر { ولولا فضلُ الله } أي: الإِسلام { ورحمته } القرآن { لاتبعتم الشيطان إلاَّ قليلاً } ممَّن عصم الله، كالذين اهتدوا بعقولهم لترك عبادة الأوثان بغير رسولٍ ولا كتابٍ، نحو زيد بن عمرو، وورقة بن نوفل، وطُلاَّب الدِّين، وهذا تذكيرٌ للمؤمنين بنعمة الله عليهم حتى سلموا من النِّفاق، وما ذُمَّ به المنافقون.

{ فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلاَّ نفسك } أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك، على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك، فلا تهتمَّ بتخلُّف مَنْ يتخلَّف عن الجهاد { وحرِّض المؤمنين } حُضَّهم على القتال { عسى الله } واجبٌ من الله { أن يكفَّ } يصرف ويمنع { بأس الذين كفروا } شدَّتهم وشوكتهم { واللَّهُ أشدُّ بأساً } عذاباً { وأشدُّ تنكيلاً } عقوبة.

{ مَنْ يشفع شفاعة حسنةً } هي كلُّ شفاعة تجوز في الدِّين { يكن له نصيبٌ منها } كان له فيها أجر { ومَنْ يشفع شفاعة سيئة } أَيْ: ما لا يجوز في الدين أن يشفع فيه { يكن له كفلٌ منها } أيْ: نصيبٌ من الوِزر والإِثم { وكان الله على كلِّ شيءٍ مقيتاً } مقتدراً.

{ وإذا حييتم بتحيَّةٍ } أَيْ: إذا سُلِّم عليكم بسلامٍ { فحيوا بأحسن منها } أَيْ: أجيبوا بزيادةٍ على التحيَّة إذا كان المُسَلِّم من أهل الإِسلام { أو ردُّوها } إذا كان من أهل الكتاب. [فقولوا: عليكم، ولا تزيدوا على ذلك]. { إنَّ الله كان على كلِّ شيء حسيباً } [حفيظاً] مجازياً.

{ الله لا إله إلاَّ هو ليجمعنَّكم } أَيْ: واللَّهِ ليجمعنَّكم في القبور { إلى يوم القيامة لا ريبَ فيه } [لا شكَّ فيه] { ومَنْ أصدقُ من الله حديثاً } أَيْ: قولاً وخبراً، يريد: أنَّه لا خُلفَ لوعده.