{ ذلك } أَيْ: ذلك الثَّواب، وهو الكون مع النَّبييِّن { الفضل من الله } تفضَّل به على مَنْ أطاعه { وكفى بالله عليماً } بخلقه، أَيْ: إنَّه علامٌ لا يخفى عليه شيء، ولا يضيع عنده عمل، ثمَّ حثَّ عباده المؤمنين على الجهاد، فقال: { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } سلاحكم عند لقاء العدوِّ { فانفروا } أَيْ: فانهضوا إلى لقاء العدوِّ { ثباتٍ } جماعاتٍ مُتفرِّقين إذا لم يكن معكم الرَّسول { أو انفروا جميعاً } إذا خرج الرَّسول إلى الجهاد. { وإنَّ منكم لَمَنْ ليُبطئنَّ } أَيْ: ليتخلفنَّ ويتثاقلنَّ عن الجهاد، وهم المنافقون، وجعلهم من المؤمنين من حيث إنَّهم أظهروا كلمة الإِسلام، فدخلوا تحت حكمهم في الظَّاهر { فإن أصابتكم مصيبةٌ } من العدوِّ، وجهدٌ من العيش { قال قد أنعم الله عليَّ } بالقعود حيث لم أحضر فيصيبني ما أصابكم. { ولئن أصابكم فضلٌ من الله } فتحٌ وغنيمة { ليقولنَّ } هذا المنافق قولَ نادمٍ حاسدٍ: { يا ليتني كنتُ معهم فأفوز فوزاً عظيماً } أَيْ: لأسعدَ مثل ما سعدوا به من الغنيمة، وقوله: { كأن لم تكن بينكم وبينه مودَّة } متصلٌ في المعنى بقوله: { قد أنعم الله عليَّ إذا لم أكن معهم } ، { كأن لم تكن بينكم وبينه مودَّة }. أَيْ: كأنْ لم يعاقدكم على الإِسلام ويعاضدكم على قتال عدوٍّكم، ولم يكن بينكم وبينه مودة في الظَّاهر، ثمَّ أمر المؤمنين بالقتال فقال: { فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون } أَيْ: يبيعون { الحياة الدُّنيا بالآخرة } أَيْ: بالجنَّة، أَيْ: يختارون الجنَّة على البقاء في الدُّنيا { ومَنْ يُقاتل في سبيل الله فيقتل } فيستشهد { أو يغلب } فيظفر، فكلاهما سواءٌ، وهو معنى قوله: { فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } ثواباً لا صفة له، ثمَّ حضَّ المؤمنين على الجهاد في سبيله لاستنقاذ ضعفة المؤمنين من أيدي المشركين، فقال: { وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والوِلدان } وهم قومٌ بمكَّة استُضعفوا فَحُبسوا وعُذِّبوا { الذين يقولون ربنا أخرجنا } إلى دار الهجرة { من هذه القرية } مكَّة { الظالم أهلها } أَيْ: جعلوا لله شركاء { واجعل لنا من لَدُنْكَ ولياً } أَيْ: ولِّ علينا رجلاً من المؤمنين يوالينا { واجعل لنا من لدنك نصيراً } ينصرنا على عدوِّك، فاستجاب الله دعاءَهم، وولَّى عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عتَّابَ بن أسيد، وأعانهم [الله] به، فكانوا أعزَّ بها من الظَّلمة قبل ذلك. { الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله } في طاعة الله { والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت } أَيْ: في طاعة الشَّيطان { فقاتلوا أولياء الشيطان } عبدة الأصنام { إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً } يعني: خذلانه إيَّاهم يوم قُتلوا ببدرٍ.