{ ومَنْ لم يستطع منكم طولاً } أَيْ: قدرةً وغنىً { أن ينكح المحصنات } الحرائر { المؤمنات فمن مّا ملكت أيمانكم } أَيْ: فليتزوَّج ممَّا ملكت أيمانكم. يعني: جارية غيره { من فتياتكم } أَيْ: مملوكاتكم { المؤمنات والله أعلم بإيمانكم } أَي: اعملوا على الظَّاهر في الإِيمان؛ فإنَّكم مُتعبَّدون بما ظهر، والله يتولَّى السَّرائر { بعضكم من بعض } أَيْ: دينكم واحدٌ، فأنتم متساوون من هذه الجهة، فمتى وقع لأحدكم الضَّرورة جاز له تزوُّج الأَمَة { فانكحوهنَّ بإذن أهلهن } أَي: اخطبوهنَّ إلى ساداتهنَّ { وآتوهنَّ أجورهنَّ } مهورهنَّ { بالمعروف } من غير مطلٍ وضرارٍ { محصنات } عفائفَ { غير مسافحات } غير زوانٍ علانيةً { ولا متخذات أخذان } زوانٍ سرَّاً { فإذا أُحصن } تزوَّجن { فإن أتين بفاحشة } بزنا { فعليهنَّ نصف ما على المحصنات } الأبكار الحرائر { من العذاب } أَي: الحدِّ. { ذٰلك } أَيْ: ذلك النِّكاح نكاح الأَمَة { لمن خشي العنت منكم } أَيْ: خاف أن تحمله شدَّة الغِلمة على الزِّنا، فيلقى العنت، أَي: الحدَّ في الدُّنيا، والعذاب في الآخرة. أَباحَ الله نكاح الأمَة بشرطين: أحدهما: عدم الطَّول، الثاني: خوف العَنَت. ثمَّ قال: { وأن تصبروا } أَيْ: عن نكاح الإِماء { خيرٌ لكم } لئلا يصير الولد عبداً. { يريدُ الله ليبيِّن لكم } شرائع دينكم، ومصالح أمركم { ويهديكم سنن الذين من قبلكم } دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السَّلام، وهو دين الحنيفيَّة { ويتوب عليكم } يرجع بكم عن معصيته التي كنتم عليها إلى طاعته. { واللَّهُ يريد أن يتوب عليكم } أَيْ: يُخرجكم من كلِّ ما يكره إلى ما يحبُّ ويرضى، { ويريد الذين يتبعون الشهوات } وهم الزُّناة وأهل الباطل في دينهم { أن تميلوا } عن الحقِّ وقصد السِّبيل بالمعصية { ميلاً عظيماً } فتكونوا مثلَهم. { يريد الله أن يخفف عنكم } في كلِّ أحكام الشَّرع { وخلق الإِنسان ضعيفاً } يضعف من الصَّبر عن النِّساء. { يا أَيُّها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } وهو كلُّ ما لا يحلُّ في الشَّرع، كالرِّبا، والغصب،والقمار، والسَّرقة، والخيانة { إلاَّ أن تكون تجارةً } لكن إن كانت تجارة { عن تراضٍ منكم } برضى البَيِّعْين فهو حلال { ولا تقتلوا أنفسكم } لا يقتل بعضكم بعضاً. { ومَنْ يفعل ذلك } أَيْ: أكل المال بالباطل وقتل النَّفس { عدواناً } وهو أن يعدوَ ما أُمر به { وظُلماً فسوف نصليه } أَيْ: نُدخله ناراً { وكان ذلك على الله يسيراً } أَيْ: هو قادر على ذلك، ولا يتعذَّر عليه.