{ وإن أردتم... } الآية. أي: إذا أراد الرَّجل طلاق امرأته، وتزوَّج غيرها لم يكن له أن يرجع فيما آتاها من المهر، وهو قوله: { وآتيتم إحداهنَّ قنطاراً } أَيْ: مالاً كثيراً { فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً } ظلماً { وإثماً مبيناً } وفي هذا نَهْيٌّ عن الضِّرار في غير حال الفاحشة، وهو أنْ يضارَّها لتفتدي منه من غير أَنْ أتت بفاحشة. { وكيف تأخذونه } أَي: المهر أو شيئاً منه { وقد أفضى بعضكم إلى بعض } أَيْ: وصل إليه بالمجامعة، ولا يجوز الرُّجوع في شيءٍ من المهر بعد الجماع { وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } وهو ما أخذه الله على الرِّجال للنِّساء من إمساكٍ بمعروفٍ، أو تسريحٍ بإحسانٍ. { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم... } الآية. كان الرَّجل من العرب يتزوَّج امرأة أبيه من بعده، وكان ذلك نكاحاً جائزاً في العرب، فحرَّمه الله تعالى ونهى عنه، وقوله: { إلاَّ ما قد سلف } يعني: لكن ما قد سلف فإنَّ الله تجاوز عنه { إنَّه } أيْ: إنَّ ذلك النِّكاح { كان فاحشة } زنا عند الله { ومقتاً } بغضاً شديداً { وساء سبيلاً } وقَبُحَ ذلك الفعل طريقاً، ثمَّ ذكر المحرَّمات من النِّساء فقال: { حرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم } جمع الرَّبيبة، وهي بنت امرأة الرَّجل من غيره { اللاتي في حجوركم } أيْ: في ضمانكم وتربيتكم { وحلائل } وأزواج { أبنائكم الذين من أصلابكم } لا مَنْ تبنَّيتموه { وأن تجمعوا } أَيْ: الجمع { بين الأختين إلاَّ ما قد سلف } مضى منكم في الجاهلية، فلا تُؤاخذون به بعد الإِسلام. { والمحصنات } وذوات الأزواج { من النساء } وهنَّ مُحرَّمات على كلِّ أحدٍ غير أزواجهنَّ إلاَّ ما ملكتموهنَّ بالسَّبي من دار الحرب؛ فإنَّها تحلُّ لمالكها بعد الاستبراء بحيضة { كتاب الله عليكم } كتب تحريم ما ذكر من النِّساء عليكم { وأحلَّ لكم ما وراء ذٰلكم } أَيْ: ما سوى ذلكم من النِّساء { أن تبتغوا } أَيْ: تطلبوا بأموالكم؛ إمَّا بنكاحٍ وصداقٍ؛ أو بملكِ يمينٍ { محصنين } ناكحين { غير مسافحين } زانين { فما استمتعتم } فما انتفعتم وتلذَّذتم { به منهنَّ } أي: من النساء بالنِّكاح الصَّحيح { فآتوهنَّ أجورهنَّ } أَيْ: مهورهنَّ { فريضة } ، فإن استمتع بالدُّخول بها آتى المهر تامّاً، وإن استمتع بعقد النِّكاح آتى نصف المهر { ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة } من حطِّ المهر أو إبراءٍ من بعض الصَّداق أو كلِّه { إنَّ الله كان عليماً } بما يصلح أمر العباد { حكيماً } فيما بيَّن لهم من عقد النِّكاح.