{ مذبذبين بين ذلك } مُردَّدين بين الكفر والإِيمان، ليسوا بمؤمنين مخلصين، ولا مشركين مصرِّحين بالشِّرك { لا إلى هٰؤلاء ولا إلى هٰؤلاء } لا من الأنصار، ولا من اليهود { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً } من أضلَّه الله فلن تجد له ديناً. { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } يعني: الأنصار. يقول: لا توالوا اليهود من قريظة والنَّضير { أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً } حجَّة بيِّنة في عقابكم بموالاتكم اليهود، أيْ: إنَّكم إذا فعلتم ذلك صارت الحجُّة عليكم في العقاب. { إنَّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار } أَيْ: في أسفل درج النَّار { ولن تجد لهم نصيراً } مانعاً يمنعهم من عذاب الله. { إلاَّ الذين تابوا } من النِّفاق { وأصلحوا } العمل { واعتصموا بالله } التجأوا إليه { وأخلصوا دينهم لله } من شائب الرِّياء { فأولئك مع المؤمنين } أَيْ: هم أدنى منهم بعد هذا كلِّه، ثمَّ أوقع أجر المؤمنين في التَّسويف لانضمامهم إليهم فقال: { وسوف يُؤتي الله المؤمنين أجراً عظيماً }. { ما يفعل الله بعذابكم } بعذاب خلقه { إن شكرتم } اعترفتم بإحسانه { وآمنتم } بنبيِّه { وكان الله شاكراً } للقليل من أعمالكم { عليماً } بنيَّاتكم. { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول } نزلت ترخيصاً للمظلوم أنْ يجهر بشكوى الظَّالم، وذلك أنَّ ضيفاً نزل بقوم فأساؤوا قِراه، فاشتكاهم، فنزلت هذه الآية. رخصةً في أن يشكوا، وقوله: { إلاَّ من ظلم } لكن مَنْ ظُلم فإنَّه يجهر بالسُّوء من القول، وله ذلك { وكان الله سميعاً } لقول المظلوم { عليماً } بما يضمره، أَيْ: فليقل الحقِّ، ولا يتعدَّ ما اُذن له فيه. { إن تبدوا خيراً } من أعمال البرِّ { أو تخفوه أو تعفوا عن سوء } يأتيك من أخيك المسلم { فإنَّ الله كان عفواً } لمَنْ عفا { قديراً } على ثوابه. { إنَّ الذين يكفرون بالله ورسله } هم اليهود كفروا بعيسى عليه السَّلام والإِنجيل، ومحمدٍ عليه السَّلام والقرآن { ويريدون أن يفرِّقوا بين الله ورسله } بأن يؤمنوا بالله ويكفروا بالرُّسل { ويقولون نؤمن ببعض } الرّسل { ونكفر } ببعضهم { ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً } بين الإِيمان بالبعض، والكفر بالبعض ديناً يدينون به. { أولئك هم الكافرون حقاً } أَيْ: إنَّ إيمانهم ببعض الرُّسل لا يُزيل عنهم اسم الكفر، ثمَّ نزل في المؤمنين. { والذين آمنوا بالله ورسله.. } الآية.