{ قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم } بالتَّخليد في النَّار { وأهليهم } لأنَّهم لم يدخلوا مدخلِ المؤمنين الذين لهم أهل في الجنَّة. { لهم من فوقهم ظللٌ } هذا كقوله{ يوم يغشاهم العذاب من فوقهم... } الآية، وكقوله:{ لهم من جهنَّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ } { ذلك } الذي وصفت من العذاب { يخوِّف الله به عباده }. { والذين اجتنبوا الطاغوت } أَيْ: الأوثان { أن يعبدوها وأنابوا إلى الله } رجعوا إليه بالَّطاعة { لهم البشرى } بالجنَّة { فبشر عباد }. { الذين يستمعون القول } القرآن وغيره { فيتبعون أحسنه } وهو القرآن. { أفمن حقَّ عليه كلمةُ العذاب أفأنت } يا محمَّدُ { تنقذ } ه، أَيْ: تُخرجه من النَّار، أيْ: إنَّه لا يقدر إلى هدايته، وقوله: { لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنية } أَيْ: لهم منازل في الجنَّة رفيعةٌ، وفوقها منازل أرفع منها. { ألم تر أنَّ الله أنزل من السماء ماءً فسلكه } أدخل ذلك الماء { ينابيع في الأرض } وهي المواضع التي ينبع منها الماء، وكلُّ ماءٍ في الأرض فمن السَّماء نزل. { ثم يخرج به } بذلك الماء { زرعاً مختلفاً ألوانه } خضرةً، وحمرةً، وصفرةً { ثمَّ يهيج } ييبس { فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً } دُقاقاً فتاتاً { إنَّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب } يذكرون ما لهم من الدَّلالة في هذا على توحيد الله تعالى وقدرته. { أفمن شرح الله صدره } وسَّعه { للإِسلام فهو على نور من ربه } أَيْ: فاهتدى إلى دين الإِسلام، كمَنْ طبع على قلبه، ويدل على هذا المحذوف قوله: { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله }. { والله نزل أحسن الحديث } أي: القرآن { كتاباً متشابهاً } يشبه بعضه بعضاً من غير اختلافٍ ولا تناقضٍ { مثاني } يثني فيه الأخبار والقصص، وذكر الثَّواب والعقاب { تقشعر } تضطرب وتتحرَّك بالخوف { منه جلود الذين يخشون ربهم } يعني: عند ذكر آية العذاب { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } أَيْ: من آية الرَّحمة { ذلك هدى الله } أَيْ: ذلك الخشية من العذبا ورجاء الرَّحمة هدى الله. { أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب } وهو الكافر يُلقي في النَّار مغلولاً، فلا يتهيَّأ له أن يتَّقي النَّار إلاَّ بوجهه، ومعنى الآية: أَفَمن هذه حاله كمَن يدخل الجنَّة؟