الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } * { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } * { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } * { هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً } * { وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } * { وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَٱرْجِعُواْ وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً } * { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً }

{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } هذا تكذيبٌ لبعض مَنْ قال من الكافرين: إنَّ لي قلبين أفهم بكلِّ واحدٍ منهما أكثر ممَّا يفهم محمد، فأكذبه الله تعالى. قيل: إنَّه ابن خطل { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتهم } لم يجعل نساءكم اللائي تقولون: هنَّ علينا كظهور أمهاتنا في الحرام كما تقولون، وكان هذا من طلاق الجاهليَّة، فجعل الله في ذلك كفَّارة { وما جعل أدعياءكم } مَنْ تبنَّيتموه { أبناءكم } في الحقيقة كما تقولون { ذلكم قولكم بأفواهكم } قولٌ بالفم لا حقيقة له { والله يقول الحق } وهو أنَّ غير الابن لا يكون ابناً { وهو يهدي السبيل } أَيْ: السَّبيل المستقيم.

{ ادعوهم لآبائهم } أَيْ: انسبوهم إلى الذين ولدوهم { هو أقسط عند الله } أعدل عند الله { فإن لم تعلموا آباءهم } مَنْ هم { فإخوانكم في الدين } أي فهم إخوانكم في الدِّين { ومواليكم } وبنو عمّكم. وقيل: أولياؤكم في الدِّين { وليس عليكم جُنَاحٌ فيما أخطأتم به } وهو ن يقول لغير ابنه: يا بنيَّ من غير تَعَمُّدٍ أن يجريه مجرى الولد في الميراث، وهو قوله: { ولكن ما تعمَّدت قلوبكم } يعني: ولكنَّ الجُناح في الذي تعمَّدت قلوبكم.

{ النبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم } إذا دعاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى شيءٍ، ودعتهم أنفسهم إلى شيءٍ كانت طاعة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أولى. { وأزواجه أمهاتهم } في حرمة نكاحهنَّ عليهم { وأولوا الأرحام } والأقارب { بعضهم أولى ببعض } في الميراث { في كتاب الله } في حكمه { من المؤمنين والمهاجرين } وذلك أنَّهم كانوا في ابتداء الإِسلام يرثون بالإِيمان والهجرة { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً } لكن إن يوصوا له بشيءٍ من الثُّلث فهو جائزٌ { كان ذلك في الكتاب مسطوراً } كان هذا الحكم في اللَّوح المحفوظ مكتوباً.

{ وإذا أخذنا } واذكر إذ أخذنا { من النبيّين ميثاقهم } على الوفاء بما حملوا، وأن يُصدِّق بعضهم بعضاً.

{ ليسأل الصادقين عن صدقهم } المُبلِّغين من الرُّسل عن تبليغهم، وفي تلك المسألة تبكيتٌ للكفَّار { وأعدَّ للكافرين } بالرُّسل { عذاباً أليماً }.

{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود } يعني: الأحزاب، وهم قريش وغطفان وقُريظة والنَّضير، حاصروا المسلمين أيَّام الخندق { فأرسلنا عليهم ريحاً } [وهي الصَّبا] كفأت قدورهم، وقلعت فساطيطهم { وجنوداً لم تروها } وهم الملائكة { وكان الله بما تعملون } من حفر الخندق { بصيراً }.

{ إذ جاؤوكم من فوقكم } من قبل المشرق، يعني: قُريظة والنَّضير، { ومن أسفل منكم } قريشٌ من ناحية مكَّة { وإذ زاغت الأبصار } مالت وشخصت، وتحيَّرت لشدَّة الأمر وصعوبته عليكم { وبلغت القلوب الخناجر } ارتفعت إلى الحلوق لشدَّة الخوف { وتظنون بالله الظنونا } ظنَّ المنافقون أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون بنصر اللَّهِ.

السابقالتالي
2