الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } * { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ }

{ بلى } أَيْ: بلى عليهم سبيل [في ذلك]، ثمَّ ابتدأ فقال: { مَنْ أوفى بعهده } أَيْ: بعهد الله الذي عهد إليه في التَّوراة من الإِيمان بمحمدٍ عليه السَّلام والقرآن، وأَدَّى الأمانة، واتَّقى الكفر والخيانة، ونَقْضَ العهد { فإنَّ الله يحب المتقين } أََيْ: مَنْ كان بهذه الصفة.

{ إنَّ الذين يشترون بعهد الله } نزلت في رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ضَيعةٍ، فهمَّ المدَّعَى عليه أن يحلف، فنزلت هذه الآية فنكل [المُدَّعى عليه] عن اليمين وأقرَّ بالحقِّ، ومعنى { يشترون } يستبدلون، { بعهد الله } بوصيته للمؤمنين أن لا يحلفوا كاذبين باسمه { وأيمانهم } جميع اليمين، وهو الحلف { ثمناً قليلاً } من الدُّنيا { أولئك لا خلاق لهم في الآخرة } أَيْ: لا نصيب لهم فيها { ولا يكلِّمهم الله } بكلامٍ يسرُّهم { ولا ينظر إليهم } بالرَّحمة، وأكثر المفسرين على أنَّ الآية نزلت في اليهود، وكتمانهم أمر محمد صلى الله عليه وسلم وإيمانهم الذي بدَّلوه من صفة محمد عليه السَّلام هو الحقُّ في التَّوراة، والدَّليل على صحَّة هذا قوله:

{ وإنَّ منهم } أَيْ: من اليهود { لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب } يحرِّفونه بالتَّغيير والتَّبديل، والمعنى: يلوون ألسنتهم عن سنن الصَّواب بما يأتونه به من عند أنفسهم { لتحسبوه } أَيْ: لتحسبوا ما لووا ألسنتهم به { من الكتاب }.

{ ما كان لبشرٍ... } الآية. لمَّا ادَّعت اليهود أنَّهم على دين إبراهيم عليه السَّلام وكذَّبهم الله تعالى غضبوا وقالوا: ما يرضيك منَّا يا محمد إلاَّ أَنْ نتَّخذك ربّاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذَ الله أَنْ نأمر بعبادة غير الله، ونزلت هذه الآية. { ما كان لبشر } أن يجمع بين هذين: بين النبوَّة وبين دُعاء الخلق إلى عبادة غير الله { ولكن } يقول: { كونوا ربانيين... } الآية. أَيْ: يقول: كونوا معلِّمي الناس بعلمكم ودرسكم، علِّموا النَّاس وبيِّنوا لهم، وكذا كان يقول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لليهود؛ لأنَّهم كانوا أهل كتاب يعلمون ما لا تعلمه العرب.

{ ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً } كما فعلت النَّصارى والصَّابئون { أيأمركم بالكفر } استفهامٌ معناه الإِنكار، أَيْ: لا يفعل ذلك { بعد إذ أنتم مسلمون } بعد إسلامكم.